«شبشب»

اتصلت بزميل لي وسألته: منكر؟ - وكانت تلك هي الشيفرة بيننا إذا أردنا الخروج للشيشة و(تعديل الراس)، فأجابني بأنه اليوم (شبشب)، استغربت للمصطلح القبيح، وإذا به مصطلح شائع كناية عن أنه يوم العائلة أو يوم (الحرمة) والسوق تحديداً، اتصلت بزميل آخر فاعتذر بدوره وأكد أنه اليوم (أرنب)، ضحكت كثيراً، خصوصاً عندما تذكرت وزنه المشارف على 175 كيلوغراماً، فأكد لي أن (أرنباً سعيداً خير من أسد تعيس)، تمنيت له التوفيق وطلبت منه أن يترك لي بعض عصير الجزر. اتصلت بثالث وسألته إن كان يرغب في حضور الدرس؟ وكانت هذه الشيفرة المستخدمة معه - فقال لي بأنه اليوم (خروف)، قلت له : أي أنه يوم العائلة، فطالبني بعدم ادعاء العبقرية وأنه بالطبع لا يكون خروفاً إلا في يوم العائلة. اتصلت بآخر أفراد (الشلة) فأجابني بصوت خفيض: «بعدين بعدين.. الحرمة عدالي»، وأغلق الخط مباشرة على الرغم من تأكدي من أنه «نسيب قبايل» من الذيد، وليس متزوجاً بابنة موسوليني. (شبشب، خروف، أرنب).. مصطلحات شاذة وغريبة للتعبير عن علاقة فطرية وطبيعية بين الرجل وزوجته، بالطبع للخروج مع (الربع) نكهة و(مزّة) خاصة. ولكن للأسرة حق، وتحول الخروج مع الأسرة إلى ما يشبه العذاب أو الواجب العسكري هي حالة تستحق الوقوف والدراسة فعلاً، خصوصاً أنها تتركز لدى الميسورين لا المعسرين. الوضع تغير الآن عما كان عليه قبل عقد أو عقدين، فلله الحمد يوجد العديد من المراكز الأسرية، وتوجد أقسام للنصح والمشورة في الهيئات والمؤسسات الاجتماعية وحتى في المحاكم، ولكن الملاحِظ لعموم طرحها يرى أنه يتركز على تحسين العلاقة والمحبة بين الزوج وزوجته، ولا يأتي بحلول حقيقية، لكي تصبح هذه العلاقة التي هي مرتكز الأسرة المستقرة علاقة (مسلية)، إذا صح التعبير، أشبه بعلاقة الشاب (بربعه)، خصوصاً أن أغلب الشباب يتزوجون هنا باكراً مقارنة بغير الإمارات من الدول، أي أنه يكون في خضم التجربة الأسرية وهو لايزال شاباً محباً للكشتات والسوالف و(البتة)!

والأمر الآخر الذي قد يساعدنا على التخلص من تلك المصطلحات، هو وجود بديل. فاليوم إذا خرجت (شلة) من خمسة أو ستة شباب إلى أي مقهى شعبي في الممزر أو إلى البحر أو خلافه، مع احتساب جميع المشاريب والساندويتشات والمعسل والدوخة و.. و.. لا يتجاوز المبلغ ما يمكن لأي شاب عادي أن يكون سعيداً وهو يضرب على صدره. أما الأماكن المخصصة للعائلات فهي قليلة جداً وتكاد تنحصر في المطاعم الراقية التي تحتوي على (غرف خاصة)، وبقوائم مخيفة وعبارة (15٪ ضريبة بلدية) في أسفلها، وبالطبع لا يمكن مطالبة مستثمري (مشروعات الشباب) بتحمل مسؤولياتهم، فمبلغ المليون لن يكفي حتى لتأثيث هكذا مشروعات.

الحمد لله أنني لم أصل بعد لمرحلة الأرنب والخروف، فمازال الخوف الرئيس ويوم العائلة مخصصاً للوالدة!

shwaikh@eim.ae

الأكثر مشاركة