القدس بلا حماية.. ولا حتى صراخ

عادل محمد الراشد

نجحت الآلة السياسية والإعلامية في تحويل اهتمام الرأي العام العربي وتغيير أولوياته في إطار ما يسمى بإشاعة ثقافة السلام، زاد ذلك وسهّل مهمته حالة الشقاق على الساحة الفلسطينية التي أصبحت مزمنة ولا تبدو عليها أي علامات للتعافي، حتى بعد محرقة غزة وصعود عامل المقاومة رقماً سجّل حضوره بقوة لفترة وجيزة، وما لبث أن خبا وتراجع أمام ضربات الخلافات الفلسطينية واستعادة دعاة التفاوض المبادرة من جديد بدعم من تلك الآلة السياسية والإعلامية الجبارة.

يؤكد هذا الاختراق الكبير ما يحدث في القدس وحرمها الشريف منذ مدة، وبعد وصول الليكود إلى سدة الحكم في الكيان الصهيوني خصوصاً. فلم تنجح كل صرخات التحذير من تهويد المدينة المقدسة واستهداف المسجد الأقصى، في بلورة موقف عربي واضح وقوي، لا على المستوى الرسمي ولا على مستوى منظمات المجتمع المدني، ولا على مستوى الشارع الذي بدأ يفقد الكثير من حساسيته تجاه القضية الفلسطينية وما يحدث فوق وتحت الطاولة بشأنها.

مدينة القدس باتت محاصرة بالاستيطان من الجهات الأربع، وما تبقى منها لسكانها الفلسطينيين لا يزيد على 12٪ من الأراضي تخطط الحكومة الإسرائيلية ومنظمات الاستيطان الصهيوني إلى تقليصها بشكل ممنهج لكي لا يبقى للمقدسيين في مدينتهم سوى أماكن محدودة ومحاصرة. وبعد الاستيلاء على المساكن وطرد ساكنيها منها، رفعت المؤسسة الصهيونية نبرة الحديث عن المسجد الأقصى وكل محيطه التاريخي، وبدأت ترسل قطعان مستوطنيها لتدنيسه، بعد أن استكملت خارطة مشروعاتها التدميرية حوله.

كل ذلك يحدث وسط استغاثات فلسطينيي القدس، ولكن الصرخات صارت لا تلامس طبلات الآذان، بعد أن كانت تصطدم بها ولا تكاد تغادرها إلى الألباب. فلا مواقف عربية رسمية محتجة، ولا حتى شعبية نائحة. فقد ملأت الانشغالات الداخلية القلوب، وعلا صوت «السلام المنتظر» بوعود عصا سليمان وفانوس علاء الدين، ليترك القدس وشأنها ويختزل قضيتها لتكون قضية المقدسيين وحدهم، وهمّهم وحدهم. ولكن هل سيكون الألم من نصيبهم وحدهم؟

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر