النفي أكثر إقلاقاً

سامي الريامي

ظهور «أنفلونزا الخنازير» في منطقة معينة، أو مدرسة، أو وزارة أو شركة خاصة لم يعد أمراً مقلقاً، أو حدثاً مفزعاً ينبغي التكتم عليه أو إخفاؤه، فالمرض كما هو معروف سريع الانتشار، وكل إنسان معرّض للإصابة به مهما كان موقعه أو مكان عمله.

كما أن ظهور المرض في مكان معين لا يعني إطلاقاً وجود تقصير من المسؤولين عن ذلك المكان، ولا يعني أنهم أصبحوا تحت طائلة المساءلة والعقاب، ولا ينبغي أن يعاملوا أنفسهم كمتهمين مطلوب منهم إثبات البراءة، ولا تعني البراءة الإسراع إلى إصدار بيانات النفي، والتعامل مع ظهور المرض بطريقة جريمة الشرف التي تلحق العار والأذى بسمعة المكان والمسؤولين عنه!

الإعلان عن وجود حالات مصابة بالمرض، في ظل الوقوف بفاعلية خلف الإجراءات الاحترازية، ومكافحة انتشاره بالطرق الصحية المعروفة خير في طمأنة نفوس البشر من المسارعة إلى إعلان بيانات النفي التي ثبت أنها تثير الريبة والقلق بين أفراد المجتمع بشكل أقوى وأسرع من قلق انتشار المرض.

مازال هناك مسؤولون يصرون على التعامل مع المرض بهذه العقلية، فكل خبر سلبي عن الأنفلونزا يعتبرونه خبراً مفزعاً لابد من التكتّم عليه، والحجة الجاهزة هي «عدم إثارة البلبلة والخوف بين الناس»، مع أنهم جميعاً يدركون أن البلبلة وحالة الخوف ستظلان موجودتين مهما صدرت التصريحات المطمئنة، أو بيانات النفي المستمرة، ولا يمكن القضاء على هذه الحالة إلا بالشفافية والوضوح والمكاشفة والمصارحة.

أيهما يبث الطمأنينة، وأيهما يبث الهلع أكثر، أن تعلن مدرسة ما أنها أغلقت صفاً دراسياً إجراء احترازياً لظهور حالة أو حالتين لطلبة مصابين بالمرض، أم أن يعلن مسؤول في منطقة تعليمية إغلاق فصل دراسي للوقاية من المرض، ثم ينفي مسؤول أكبر منه في اليوم التالي الخبر بشكل تام ويصرح بعدم وجود حالات مشتبه فيها في المدرسة بأكملها؟!

إجراء إغلاق الفصول الدراسية في حالات ظهور المرض، أو حتى إغلاق المدرسة بأكملها هو إجراء رسمي أقرّته وزارتا الصحة والتربية أسلوباً وقائياً لمنع انتشار المرض، وبالتالي فإن تطبيقه في أي مدرسة يدل على سلامة نهج المدرسة في التعامل مع المرض، ويدل على وجود إجراءات ميدانية وقائية على أرض الواقع، كما يؤكد حرص المدرسة على سلامة بقية الطلبة.

وبالطبع فإن قرار الإغلاق لا يعيب المدرسة أو يضرّ سمعتها، حيث لا صلة مباشرة بظهور المرض وسمعة المدرسة، كما لا يعيب المنطقة التعليمية التي تتبعها المدرسة، ولا ينتقص من سمعة وكفاءة أي من مسؤوليها، فما المقلق في نشر خبر إغلاق صف دراسي أو مدرسة لمدة أسبوع أو 10 أيام للوقاية من الأنفلونزا؟!

المقلق حقاً هو التناقض في التصريحات، ومحاولة التكتيم، ونفي الحقائق المؤكّدة، والمسارعة إلى التكذيب، فكيف يمكن أن نزرع ثقة أولياء الأمور بالإجراءات الاحترازية، وهناك من سيقرأ خبر نفي إغلاق أي صف دراسي، وابنه يجلس في المنزل، نظراً إلى إغلاق الصف احترازياً ضدّ المرض؟!

reyami@emaratalyoum.com

تويتر