5 دقائق

سالم حميد

منظر المساحات الخضراء من المناظر التي تُدخل البهجة والسرور على قلب الإنسان، وهي من العوامل المؤثرة بالإيجاب في البيئة وتسهم في تحسين الأجواء من التلوث والتصحر. لذلك جاءت بعض المنظمات العالمية المعنية بشؤون البيئة مثل «لييد» بمفهوم «المباني الخضراء»، غايتها حث الناس على استخدام الكهربائيات المخفضة الاستهلاك للطاقة كالإنارة البيضاء وأجهزة التحكم في تشغيلها وفصلها، والمكيفات الحديثة وغلايات الطاقة الشمسية والزجاج المزدوج والعوازل الحرارية، واستخدام المواد الصديقة البيئة أو المعاد تصنيعها حيثما اقتضت الحاجة، وذلك لترشيد استهلاك الطاقة وتقليل حرق الوقود المولد للطاقة الكهربائية وتقليل التلوث، وبما أنها صديقة للبيئة فقد سميت بالخضراء. إحدى الأفكار المطبقة ضمن هذه الخطة البيئية فكرة يطلق عليها «الأسطح الخضراء»، ترمي إلى زراعة أسطح المباني في المدن المكتظة حيث المساحات الخضراء قليلة نظراً للازدحام السكاني ولشدة الطلب على الأراضي السكنية والتجارية.

طالعتنا الصحف منذ فترة عن تشكيل لجنة في بلدية دبي لتطبيق قانون «الأسطح الخضراء»، يفرض على كل مواطن ينوي استخراج تصريح بناء جديد أن يعدل في خارطة البيت لكي يحول سطح منزله إلى حديقة خضراء شرطاً لاستخراج التصريح. طبعاً تطبيق قانون مهم مثل هذا يجب أن يكون قد صُدر بعد دراسة جدوى اقتصادية وبعد بحث علمي، ولكن فجأة تقرر تطبيقه على ملاك البيوت الجدد بشكل فوري، ما أدى إلى إعاقة الكثير من الإماراتيين عن البناء، خصوصاً ممن عليهم التزامات بنكية. ففكرة الأسطح الخضراء في مدن استوائية مطيرة ومكتظة بالعمارات في جنوب شرق آسيا من السهل تطبيقها، ولكن عندنا يعاني أغلب مواطنينا من الكلفة العالية لبناء منزل العمر، ولعله أمر محبط، وكاد يدفع بالكثيرين للجوء إلى البنوك لكي تُصرف القروض على مكاتب الاستشارات الهندسية للعدول عن المخططات المكتملة أساساً، وللزيادة في كلفة البناء متمثلة في ازدياد كمية أنابيب الضخ والصرف، واختيار عوازل للأسقف أكثر متانة، إضافة لكلفة التشجير. ألا تكفي المساحات الخضراء الشاسعة في باحة المنزل، وماذا ستضيف مساحة الأسطح عليها، ومن سيتكفل بصرف المياه الصالحة للشرب على الري، وهل سيتحمل سكان المنزل رائحة المياه غير الصالحة الراكدة فوق السطح مع السماد، ومن سيتكفل بتصليح سقف البيت إن أصابه تسرب بعد بضع سنوات، وهل ستكلف البلدية دوريات تفتيش بواسطة طوافات (هليكوبترات) لكي تتأكد أن صاحب المنزل يعتني بحديقته جيداً فوق السطح وأنه قد كلف مزارعاً مرخصاً لذلك؟أ

حسناً فعلت البلدية أخيراً عندما أصدرت قبل بضعة أيام قراراً بالعدول عن تطبيق المخطط على أصحاب الفلل وجعلها اختيارية، حيث كان من الأولى التفكير ملياً قبل الإقدام على هذه الخطوة التي عرقلت حركة البناء الخاص، ونقترح عليهم تركيز الجهود الآن على حماية بعض مناطقنا السكنية في القوز وأم سقيم والبرشاء والورقاء ومردف الصحراوية القاحلة من التصحر والبدء في تعبيد الطرق الداخلية المغبرة.



salemhumaid.blogspot.com

تويتر