عاصفة اللقاح

باسل رفايعة

بعدما شاهدت مقابلة قناة «الجزيرة»، أمس، مع العالم الأميركي ليونارد هورويتز، أصبحت أكثر شكّاً في أن تناول أي دواء ليس آمناً، وأن أقراص الصداع التي نبتلعها باستمرار يمكن أن تسبب لنا العقم أو السرطان، وأن البشرية باتت تعيش فعلاً تحت وطأة مؤامرة كبرى، تتحرك فيها أيدٍ في الخفاء، ولا أحد في حلّ من المسؤولية: الدول، وشركات الدواء، ووسائل الإعلام، وكل ذلك برعاية منظمة الصحة العالمية.

العالم الأميركي شكك في أصل فيروس «إتش1 إن1» المسبب لـ«أنفلونزا الخنازير»، وتحدث عن مافيات عملاقة، قد تكون أسهمت في إنتاجه، ولكي يصبح الأمر أكثر رعباً، لفت إلى أن أصل الفيروس ربما يعود إلى جثة مصاب من عام ،1918 وحذّر الناس حول العالم من الحقن بلقاح الفيروس، مؤكداً أنه يحتوي على زئبق، وجينات فيروسية خطرة، تؤدي إلى الإصابة بالسرطان.

كلام مرعب، لا أقل رعباً منه سوى الاطمئنان التام الذي تبديه وزارات الصحة في العالم العربي إزاء اللقاح، وتأكيداتها أنه آمن وكأنه منتج في مصانعها، على الرغم من أنه لم يجرب، ولا أحد في الكون يعرف أعراضه الجانبية، لأن الشركات في سباق مع الزمن لإنتاجه وحقن البشر به، وحصد الأموال، والعلم يؤكد أن الأعراض الجانبية تحتاج إلى وقت طويل أقله عام، ليمكن اكتشافها.

تكتلان يتجاذبان صحة الناس وأطفالهم وشيوخهم، تكتل تمثله صحافة مستقلة حول العالم، وعلماء وخبراء في الصحة العامة يحذرون من خطر اللقاح. وتكتل يؤكد مأمونيته، ويدعو الناس إلى فتح أجساد أطفالهم لتستقبل فيروسات ميتة تسبب مرضاً لم يقتل حتى الآن إلا عدداً يقل عن ضحايا حوادث المرور في دولة صغيرة.

ما السرّ في ذلك كله؟ أي حيرة وشك واضطراب تجتاح الآباء والأمهات، حين يدهمهم رعب عارم من ارتفاع درجة حرارة، أو احتقان عارض، يطرأ على أطفالهم؟ ماذا يفعلون؟ وإلى أي تكتل ينحازون، بحيث تمرّ هذه العاصفة من دون ضرر، أو بغبار قليل؟

شخصياً، تخونني الشجاعة تماماً في أن أتخذ موقفاً حاسماً تجاه اللقاح برفض إعطائه لأطفالي وعائلتي، مثلما يخونني الإقدام على أن أسارع لأكون من أوائل الذين يحتمون به من الخطر الوبائي المفترض.

بين الموقفين، وفي غياب المعلومات العلمية الحصيفة والمقنعة، أنهمك، مثل غيري، في حدس وتحليلات وأوهام، فربما يكون معارضو المصل موظفين في حملة مضادة من شركات منافسة لم يقع عليها اختيار منظمة الصحة العالمية لإنتاج اللقاح، أو أن هؤلاء يبحثون عن مجد إعلامي، لاسيما أن ليونارد هورويتز نفسه مؤلف لكتاب ضد الطعوم، حقق أعلى المبيعات في الولايات المتحدة، ودرّ عليه أرباحاً طائلة، ونصح الناس في نهاية برنامج «الجزيرة» بالعودة إلى الأعشاب الطبية، متجاهلاً تاريخ الإنجاز الدوائي الطبي وانتصاراته الكبيرة في الحروب ضد المرض.

لكن أسوأ ما يمكن أن يحدث هو أن يصدق هؤلاء، وتكون البشرية قد وصلت إلى مرحلة من الانحطاط الأخلاقي، بحيث يمكن تخليق فيروس خطر داخل المختبرات، من أجل تصنيع لقاح له، ومن أجل حسابات لا يمكن فهمها أو تحليلها.

وماذا لو انتظر الناس جميعاً ليروا أثر اللقاح في الآخرين، ووضعوا أيديهم على قلوبهم وعلى جباه أطفالهم كل لحظة؟!

baselraf@gmail.com

تويتر