قطار الشعر يصل إلى السينما!
قلّما تطرق الشعر الحديث، على الرغم من غنى موضوعاته، وتنوع قضاياه، إلى موضوع السينما، بينما نجد أن شعر بندر عبدالحميد، على العكس من ذلك، غالباً ما يجعل قصائده تقترب من عالم الأفلام وتحاكي أبطالها، كما أنه يوظف كناقد أيضاً معارفه السينمائية، ليعبر عن الأفكار، التي تشغل باله:
«نصحو من غفوتنا في هذا الكهف الساحر، دكان الأحلام المجنونة والحب وأفلام الرعب، والأفلام السرية»، قبل أن يصل قطار الشعر إلى محطته الأخيرة، وهي الأولى التي وصل إليها قطار سينما الإخوة لوميير في العام ،1895 يتوقف مرات عدة في محطات، ليغادر القطار في كل مرة مسافروه، بعد أن يصلوا واحداً تلو الآخر، إلى محطاتهم: أولهم دراكولا، مصاص الدماء، وبعده القرصان ومن ثم الممثل المتقاعد، وبعده العميل السري جيمس بوند، وغيرهم. لكن آخرهم الشاعر،الذي يتابع الرحلة ويتذكر:
«وعلى السطح المائل، صناديق مهشمة، ودولاب دراجة مسروقة، ضاعت في فيلم إيطالي، قبل خمسين عاماً».
وسيكون الهدف من الرحلة، ليس الوصول إلى أي محطة، إنما الاستمرار في رحلة، يتوقف فيها القطار في محطات الأفلام وشاشاتها المليئة بالخيال والواقع.
أين تسافر هذي الليلة؟ صوت قطار.. يعبر سور السجن، صوت قطار يعبر وجهك، سافر وحدك.. نحو ربيع لم يتفتح بعد.. وخل وراءك باب السجن، وخبز السجن
وكأن الشاعر هو الذي يقود مسيرة القطار، ليصل بقرصانه، إلى تلك الأرض المليئة بالسيوف والمعابد والجمهوريات والقطارات التي تحمل الذهب:
«القراصنة يهاجمون السفينة، ويغتصبون الجواري، يبقرون بطون البحارة، يثقبون قاع السفينة بحثاً عن الذهب.. يغرق الذهب ويضحك القراصنة. من الربع الخالي إلى هونولولو، لا شيء سوى أسعار الذهب.. وكما يشتري الطفل بالوناً بقرش، تشتري الشركات فندقاً أو جنرالاً بحفنة الذهب»
وبعد أن يودع الشاعر قرصانه الضاحك، نسمع صفير رثائه المُوجع:
«أيها الأصدقاء الأميركيون، في كل الولايات والمستعمرات، أيها المولعون بسيارات السباق، والمسدسات كاتمة الصوت، دعوا هذا الممثل العجوز، ينعم بالراحة، يركب الخيول في مزرعته القديمة، يتذكر أدواره الثانوية في الأفلام السوداء، ويدعو عشيقته إلى الرقص، ثم يبتسم أمام الكاميرا»، وحينما يصل القطار إلى محطة لوميير، فإن الرحلة تكون بالنسبة للشاعر، قد انتهت، رغم أنها، لم تكن قد بدأت، فذلك الوصول أعلن في الواقع بداية رحلة، عمرها الآن أكثر من مئة عام، رحلة لم تنته ولن تنتهي:
«القطار يصل إلى المحطة، تهاجر الأفلام كالطيور، تعيد كتابة التاريخ، من حصان طروادة إلى ميكي ماوس، من لص بغداد إلى دراكولا، من كاليغاري إلى هتلر، الدماء تغطي الشاشة، وحمى قصائد بودلير، تلهث في شفتي ب.ب» (بريجيت باردوت)
وقبل أن نغلق كتاب «الأعمال الشعرية» لبندر، ويودعنا ليذهب إلى حياته السينمائية، سيرمي لنا بنصيحته الأخيرة:
«أغمضوا عيونكم قليلاً، وانتظروا اللقطات الأولى على هذه الشاشة، مهرجان الحب والحرب، أكبر المعارك في تاريخ الدبابات.. ومن المؤسف يا ؟أورسون ويلز، أننا لا نستطيع أن نعيش كل قصص الحب، أو نرى كل الأفلام الجميلة، منذ ولادة السينما حتى نهاية القرن المقبل».
«نصحو من غفوتنا في هذا الكهف الساحر، دكان الأحلام المجنونة والحب وأفلام الرعب، والأفلام السرية»، قبل أن يصل قطار الشعر إلى محطته الأخيرة، وهي الأولى التي وصل إليها قطار سينما الإخوة لوميير في العام ،1895 يتوقف مرات عدة في محطات، ليغادر القطار في كل مرة مسافروه، بعد أن يصلوا واحداً تلو الآخر، إلى محطاتهم: أولهم دراكولا، مصاص الدماء، وبعده القرصان ومن ثم الممثل المتقاعد، وبعده العميل السري جيمس بوند، وغيرهم. لكن آخرهم الشاعر،الذي يتابع الرحلة ويتذكر:
«وعلى السطح المائل، صناديق مهشمة، ودولاب دراجة مسروقة، ضاعت في فيلم إيطالي، قبل خمسين عاماً».
وسيكون الهدف من الرحلة، ليس الوصول إلى أي محطة، إنما الاستمرار في رحلة، يتوقف فيها القطار في محطات الأفلام وشاشاتها المليئة بالخيال والواقع.
أين تسافر هذي الليلة؟ صوت قطار.. يعبر سور السجن، صوت قطار يعبر وجهك، سافر وحدك.. نحو ربيع لم يتفتح بعد.. وخل وراءك باب السجن، وخبز السجن
وكأن الشاعر هو الذي يقود مسيرة القطار، ليصل بقرصانه، إلى تلك الأرض المليئة بالسيوف والمعابد والجمهوريات والقطارات التي تحمل الذهب:
«القراصنة يهاجمون السفينة، ويغتصبون الجواري، يبقرون بطون البحارة، يثقبون قاع السفينة بحثاً عن الذهب.. يغرق الذهب ويضحك القراصنة. من الربع الخالي إلى هونولولو، لا شيء سوى أسعار الذهب.. وكما يشتري الطفل بالوناً بقرش، تشتري الشركات فندقاً أو جنرالاً بحفنة الذهب»
وبعد أن يودع الشاعر قرصانه الضاحك، نسمع صفير رثائه المُوجع:
«أيها الأصدقاء الأميركيون، في كل الولايات والمستعمرات، أيها المولعون بسيارات السباق، والمسدسات كاتمة الصوت، دعوا هذا الممثل العجوز، ينعم بالراحة، يركب الخيول في مزرعته القديمة، يتذكر أدواره الثانوية في الأفلام السوداء، ويدعو عشيقته إلى الرقص، ثم يبتسم أمام الكاميرا»، وحينما يصل القطار إلى محطة لوميير، فإن الرحلة تكون بالنسبة للشاعر، قد انتهت، رغم أنها، لم تكن قد بدأت، فذلك الوصول أعلن في الواقع بداية رحلة، عمرها الآن أكثر من مئة عام، رحلة لم تنته ولن تنتهي:
«القطار يصل إلى المحطة، تهاجر الأفلام كالطيور، تعيد كتابة التاريخ، من حصان طروادة إلى ميكي ماوس، من لص بغداد إلى دراكولا، من كاليغاري إلى هتلر، الدماء تغطي الشاشة، وحمى قصائد بودلير، تلهث في شفتي ب.ب» (بريجيت باردوت)
وقبل أن نغلق كتاب «الأعمال الشعرية» لبندر، ويودعنا ليذهب إلى حياته السينمائية، سيرمي لنا بنصيحته الأخيرة:
«أغمضوا عيونكم قليلاً، وانتظروا اللقطات الأولى على هذه الشاشة، مهرجان الحب والحرب، أكبر المعارك في تاريخ الدبابات.. ومن المؤسف يا ؟أورسون ويلز، أننا لا نستطيع أن نعيش كل قصص الحب، أو نرى كل الأفلام الجميلة، منذ ولادة السينما حتى نهاية القرن المقبل».