دبي والأزمة المالية

نجيب الشامسي

ألقت الأزمة المالية العالمية التي تعرض لها العالم في أغسطس 2008 بظلالها القاتمة على مختلف اقتصادات العالم، بما في ذلك الاقتصادات المتقدمة، واختلفت درجة تأثير وانعكاسات الأزمة على دول العالم، وفقاً لدرجة ارتباط اقتصاداتها بمركز الأزمة وهي الولايات المتحدة الأميركية.

ومن الطبيعي أن يتأثر اقتصاد دبي بتداعيات الأزمة، أسوة بمختلف العواصم التجارية والاقتصادية في العالم، وذلك بحكم ارتباط اقتصادها بالاقتصادات الأكثر تأثراً بالأزمة، وبحكم طبيعة اقتصاد دبي الأكثر انفتاحاً على اقتصادات العالم وأسواقه، لكن القيادة السياسية في دولة الإمارات عامة وإمارة دبي خصوصاً، أدركت جيداً حقيقة هذه الأزمة وأبعادها وتداعياتها، وسارعت باتخاذ خطوات جريئة وسريعة للحد من تأثير هذه الانعكاسات والتداعيات، من خلال جملة من الإجراءات نسقت من خلالها مع مختلف المؤسسات الاقتصادية والمالية والمصرفية في الدولة، لاحتواء تلك الآثار.

وإذا كان هناك بعض المتربصين باقتصادنا والمشككين من الأقلام الحاقدة في الصحف ضخموا من تأثيرات الأزمة في دبي والإمارات، فإن الدولة أكدت برد فعلها السريع أن اقتصادها يملك من القدرات والمقومات التي تمكنه من أن يحصن ذاته من قبيل هذه الأزمات.

لقد استطاعت إمارة دبي وخلال فترة وجيزة أن تستعيد عافيتها من التأثيرات المحدودة للأزمة، لتؤكد للعالم أنها أمينة على استثمارات العالم فيها، وأنها محافظة على سمعتها الدولية في مختلف الميادين المالية والمصرفية والاستثمارية والاقتصادية، وأضحت سوقها المالية تشهد رواجاً من قِبَل المستثمرين والمتعاملين في أسهم الشركات المدرجة في تلك السوق بما فيهم الأجانب.

كما أكدت دبي أنها وجهة سياحية متميزة في العالم، من خلال برامجها السياحية ومراكزها التجارية، حيث استقطبت الكثير من السياح الذين تدفقوا إليها، وأكدت أنها صادقة في وعدها مع العالم في المشروعات الاستراتيجية التي شرعت فيها وأعلنت عنها، سواء مشروعات البنية التحتية أو السياحية أو برامجها الترفيهية والتسويقية، ولعل أهم هذه المشروعات انطلاق «مترو دبي»، الذي يعد الحدث الاقتصادي الأهم في المنطقة.

وسرعان ما شهد مطار دبي تدفقاً من مختلف دول العالم، لاسيما من دول راهنت بعض الأقلام فيها على انحسار حركة التجارة والاستثمار في الإمارة الواعدة، كما أن القادم إلى دبي سوف يدرك حجم التدفق البشري القادم للإمارة من خلال منافذها المختلفة، سواء بقصد السياحة أو المتاجرة أو الاستثمار، حتى إن سوقها المالية أصبحت تشهد عودة جيدة من قبل المستثمرين المحليين والخليجيين والعرب والأجانب، لكن حتماً يظل تأثير الأزمة حاضراً، باعتبار اقتصاد دبي والإمارات جزءاً من الاقتصاد العالمي المتأثر بالأزمة.

ومن الطبيعي أن تتراجع أسعار الأسهم والعقار في الإمارة إلى حدودها الطبيعية، بعد المضاربات الشرسة التي شهدتها السوقان المالية والعقارية، حيث إنه من الطبيعي أن تعيد الشركات الاستثمارية النظر في محافظها الاستثمارية وفي أجندتها الاقتصادية، لكن تظل سوق دبي بما تمتلكه من مقومات اقتصادية ومناخات استثمارية الموطن الآمن للاستثمارات الدولية، مهما كان حجم تأثير الأزمة.

 

alshamsi.n@hotmail.com

 

تويتر