«ما لي خصّ»

عبدالله الشويخ

حدث هذا الموقف أمامي وبحذافيره، يتقدم بأوراق معاملته على أحد الكاونترات الحكومية، فيرفضها الموظف ويرجعها إليه بأسلوب فظ وهو يقول ما تمشي، يسأل المراجع: ليه؟ فينتفض الموظف صائحاً بصوت يسمعه الجميع: ليه؟ أنت تسألني ليه؟ أنت تسأل الحكومة؟ يعني انت تعترض على كلام الحكومة؟! ما يجعل المراجع يسحب أوراقه ويهرب خارج الدائرة لا يلوي على شيء قبل أن يلبس تهمة هو في غنىً عنها وهو يردد كالملسوع «ما لي خص.. ما لي خص».. اللطيف في الموضوع أن أحداً من بقية المراجعين «وأنا منهم» لم ينبس ببنت شفة خوفاً من تسلط ذلك الموظف والألطف أنه كان يرتدي بطاقة كتب عليها بكل وضوح «التميز طريقنا»!

جميل هو الالتزام بالقانون ومن الجيد بالطبع مخالفة من يعارضون تطبيقه أو يعيقون إتمامه ولكن لا يمكن فرض العقوبة في حال عدم إمكانية تطبيق القانون لدى المراجعين أنفسهم، ففي بعض المناطق على سبيل المثال لا يمكن الحصول على موقف إطلاقاً حتى ولو بقي المراجع يدور حول المؤسسة لساعات طوال فلا مناص حين إذن من طلب المساعدة من الحارات الرملية أو الأرصفة، فعلى المفتش أن يتفهم الوضع طالما أن الجهة التي يعمل بها لم توفر البديل في ذلك المكان وكذلك الأمر بالنسبة لبعض المخالفات الصحية والسكنية، إذ إن الغرامات تطبق دون أن تكون الجهة المشرعة قد وفرت البديل بعد.. ومن نافلة القول أن جواب الموظف عندما تطرح عليه هذا الأمر هو «ما لي خص.. ما لي خص»!

خلافات شخصية أو تحديات وظيفية تحدث بين كبار موظفي بعض الدوائر فيرغب بعضهم في أن «يلعوز» البعض الآخر وليس من أسلوب أفضل من أن «تلعوز» موظفاً حكومياً مثل أن تزيد من أعبائه الوظيفية بإرسال المراجعين إليه، فيقوم الموظف الخبيث بإرسال مراجعيه الى منافسه ليحصلوا على موافقته، فيقوم الآخر من باب رد الجميل بإعادتهم، طالباً ورقة معينة أولاً، وهكذا يحير المراجع المغلوب على أمره في الحصول على الدجاجة التي ستبيض البيضة أولاً أم البيضة التي ستفقس كتكوتاً يصبح دجاجة أولاً.. وقبل أن تداهمه نوبة الربو المعتادة يسأل معذبيه عن الحل، ويكون الجواب: «ما لي خص.. ما لي خص»!

* * *

يقول مجهول:

ما لك خص لا تسأل، وكيفك لو تبي تزعل، معاملتك تبى توسيط، ولو تنسى هو أفضل حل.

لا تسأل إذا راضي، وحاول تنسى ذا الماضي، وركضك كله ع الفاضي، ترى الموضوع ماله حل، ما لك خص ما لك خص، كفايه ليش تتحمل، ما لك خص ما لك خص، تراه الزين ما يكمل.

 

shwaikh@eim.ae

تويتر