من المجالس
خطى التوطين لاتزال متعثرة، ليس في شركات ومؤسسات القطاع الخاص فقط، وإنما في القطاع الحكومي بوزاراته ودوائره وهيئاته ومؤسساته وشركاته. فعملية التوطين لاتزال تائهة على الرغم من صدور القرارات الحكومية التي تؤكده، وعلى الرغم من تأكيدات كل المسؤولين حرصهم على تحقيقه. فمادامت المتابعة غائبة فإن القرارات في وضع وقف التنفيذ، وفي أحسن الأحوال بطء وميوعة التنفيذ. ومادامت الرقابة غير موجودة فإن إحصاء خطوات المسؤولين عن التوطين غير محسوبة عليهم وإنجازاتهم غير مربوطة بما حققوه من تمكين مواطني الدولة في قطاع الوظيفة، حكومية كانت أم خاصة. ومادامت البرامج محصورة فقط في تلقي الطلبات ومخاطبة الشركات، فإن أغلب النتائج لا تتجاوز حدود تراكم الطلبات وانتظار ردود الشركات في وادٍ «لا صدى يوصل».
النظرة السلبية تجاه المواطنين واحدة من الأسباب، ولكنها ليست كلها. وهذه النظرة النمطية السلبية سبب تقف وراءه مسببات كثيرة لأشخاص وقوى خفية، تحاول أن تجعل من هذه النظرة داء لا دواء له. فهي من فعل فاعل تقف خلفه اللوبيات غير المواطنة، ويشترك فيها مسؤولون تنفيذيون مواطنون مأخوذون بـ«فوبيا» عدم صلاحية المواطن للعمل. وقد وصلت تلك اللوبيات في بعض المواقع إلى حد المجاهرة بأن المواطن غير منتج، بل عائق أمام طموحات وبرامج المؤسسة أو الشركة، والوزارة والدائرة والهيئة الحكومية.
تنمية «تعبانة» من قلة حيلتها مع الشركات والمؤسسات، ومجالس التوطين شبه عاجزة عن جعل التوطين واقعاً يغير الواقع، وأعداد كبيرة من المواطنين والمواطنات الباحثين عن الوظيفة والباحثات، يضربهم الإحباط وينهشهم اليأس ويزدادون غيظاً وحيرة، فيستسلمون لحرق أوقاتهم وذروة مراحل عطائهم في ما يضر ولا ينفع.
المسألة بحاجة إلى تدخل يمتص هذه الطاقات المهدورة في رفد خططنا وبرامجنا التنموية، قبل أن تتحول إلى طاقات سلبية تستدعي تدخلاً من نوع آخر يفتح أبواباً نحن في غنى عنها.