من المجالس
الغذاء، بعد المياه، هو التحدي الأكبر الذي يواجه العالم، فكمية الغذاء المتوافرة ستكون تحدياً، قياساً إلى كمية الزيادة السكانية المتصاعدة، ونوعية الغذاء هي الوجه الآخر لهذا التحدي في ظل الأمراض والأوبئة الجديدة والغريبة التي صارت تفتك بمصادر الغذاء، والتدخلات البشرية المخلة بميزان الطبيعة وتركيبة الغذاء. هذا التحدي يتصاعد الحديث عنه في الدول الغنية بالزراعة والمنتجة للمحاصيل الزراعية، إلى درجة جعلت العديد من هذه الدول يضع المزيد من القيود على التصدير. وفي دول مثل دولتنا تستورد معظم حاجاتها من الغذاء من الخارج يتضاعف مستوى التحدي. وفي خضم طفرة الغلاء التي دهمت الأسواق المحلية والعالمية السنة الماضية «سخن» الحديث حول البحث عن مصادر مضمونة للغذاء، وتوجيه المزيد من الاستثمارات في صناعة وزراعة الغذاء. ومعلوم أن موضوعاً كهذا لا يتحول إلى نتائج بين ليلة وضحاها، ولكن المهم أن تكون الخطوات قد بدأت، وأحسب أنها بدأت بالفعل على المستوى الرسمي، لكن للموضوع شق آخر يحتل الاستثمار الخاص فيه مساحة واسعة، وقد بدأ بعض المواطنين بالفعل التفكير في الاستثمار في الزراعة، وعمد بعض أصحاب المزارع إلى تطوير مزارعهم والخروج من قوائم التسويق الزراعي وخطته السنوية أو الموسمية بإدخال أسباب التقنية الحديثة للتغلب على صعوبات الكمية والنوعية والخروج بأرباح مجزية، لكن هؤلاء لايزالون قلة من أصحاب الإمكانات المادية العالية القادرين على خوض التجربة بطرقهم الخاصة. وعلى جانبي هذا الطريق يقف آخرون يملكون الأراضي الزراعية، وبعضهم ربما لا يملك الأرض ولكنهم يملكون الرغبة في خوض التجربة بالاستثمار في الإنتاج الغذائي، ولكن تنقصهم الإمكانات ورأس المال لتحويل الفكرة إلى مشروع. هؤلاء ينشدون التسهيلات الحكومية، لا في شكل منح وعطاءات وإنما في عملية شراكة أو رعاية تسهل عليهم الدخول في هذا الميدان. ولا يوجد أفضل وأقدر من «صندوق خليفة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة»، و«مؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب»، لفتح آفاق الاستثمار الوطني في إنتاج الغذاء.