من المجالس
الرياضة المدرسية اسم على غير مسمى، والنتيجة ليست زيادة معدلات السمنة وتخريب الشكل فقط، وإنما هي أمراض مزمنة، وشيخوخة مبكرة، وتكلفة علاجية باهظة، إضافة إلى مواهب مدفونة وطاقات معطلة.
الشكوى من إهمال هذه المادة تتكرر، والموضوع مطروح على طاولات المسؤولين والخبراء بوزارة التربية والتعليم منذ سنين. تتغير الإدارات وتذهب القيادات ويتبدل الخبراء والملف لايزال من دون تغيير. حماس في الكلام، ووعود بالاهتمام، ولا خطوة إلى الأمام. بل إن مادة التربية الرياضية تتراجع بين سنة وأخرى على جدول أولويات سياستنا التعليمية، وتتعرض في كثير من الأحيان للانتهاك والمصادرة تحت وطأة ضغط التأخر في إتمام المنهج. وإن وجدت على جدول الحصص، فغالباً ما تكون فترة فراغ وتسلية ولعب يكون فيها لعب الكرة في الصالات الرياضية المدرسية بالكندورة والأقدام الحافية، «العقل السليم في الجسم السليم» تكاد تكون مطبوعة على جدران كل مدارس الأولاد والبنات، ولكنها شبه ممسوحة من الفكر التربوي والتعليمي في هذه المدارس. والنتيجة المزيد من الحديث عن أمراض خطيرة وجديدة صارت تضرب شرائح لا بأس بها من فتياننا وفتياتنا. وفي الوقت الذي تتعرض فيه الكثير من العادات الغذائية للتغيير والتشويه في أوساط الصغار واليافعين، في كل العالم ونحن منه، تتراجع أهمية الثقافة الرياضية في نمط حياة صغارنا وشبابنا. والمدرسة هي بالتأكيد مفتاح الولوج إلى هذه الثقافة وغرسها عادةً ونظامَ حياة. ولكن المدرسة عندنا يعلو فيها الصوت بشكل مبالغ فيه عن التغييرات غير المحدودة والتجريب الذي لا يتوقف في سائر المواد العلمية لصناعة العقول السليمة، بينما يتراجع الاهتمام بالرياضة، ويتراجع بريق الاهتمام بالأجسام السليمة التي ستحمل تلك العقول وتترجم مخرجات العلوم. كلما صدمنا رقم جديد حول المصابين بالأمراض المزمنة في الدولة سمعنا الدعوات تنهال على الكبار لممارسة الرياضة وجعلها جزءاً من برنامجهم اليومي. ولكن من شب على شيء كيف يشيب على شيء آخر؟ ومن نشأ على ثقافة في الصغر هل يستطيع أن ينقلب عليها في الكبر؟
قبل الكبار.. صغارنا وشبابنا بحاجة لتربية رياضية تكون أقرب للإلزامية لتكون لهم ثقافة ونمط حياة، لا مجرد «تقسيمة» وحفلة لهو وصراخ.