من المجالس

عادل محمد الراشد

الدروس الخصوصية لن تتوقف، لأن كل شيء حولها يشكل سبباً لاستمرارها. فهي لم تعد ظاهرة، كما يحلو لأهل التربية والتعليم تسميتها، بل أصبحت جزءاً من نسيج الثقافة المجتمعية، سواء على صعيد المؤسسة التعليمية، أو عند الطلاب وأولياء الأمور. المؤسسة التعليمية لا تملك ما تقدمه لتغيير الوضع أكثر من إطلاق التهديدات لمن يمتهن الدروس الخصوصية، والنصائح للطلاب وأولياء أمورهم. وفي كلا الخطابين لا جديد يمكن أن نسميه حلاً أو حلولاً للمشكلة. المبادرة الوحيدة كانت في تنظيم دروس التقوية داخل المدارس في الأوقات الإضافية والمستقطعة، ولكن هذه المبادرة لم تستطع كبح جماح اتساع المشكلة، ناهيك عن اجتثاثها أو على الأقل محاصرتها. فدروس التقوية نسخة «كربون» عن الدروس الصفية التي تعيد مشهد الواقع داخل الفصول الدراسية، والبيئة التي تشجع على الخمول، والعلاقة التلقينية بين المدرس والطالب، بالإضافة إلى المكان الذي يستحضر نفس الشعور بالملل والدعوة للشرود. غير ذلك فإن كل الإجراءات الأخرى صارت مثل ديباجات الخطب البروتوكولية التي لا تتجاوز الآذان إلى الأذهان، وكأنها تقدّم من باب رفع العتب واستحضار الهيبة المفقودة. وفي ظل استمرار الوضع في البيئة المدرسية على ما هو عليه، واستمرار الطابع الفوقي في العلاقة بين المعلم والطالب، واقتصار مبدأ المشاركة على إجابة الطالب على أسئلة المعلم، فإن ثقافة «الضرورة» التي استقرت في قناعات الطلاب وأولياء الأمور ستتجذر وتزداد عمقاً، لتصبح الدروس الخصوصية بديلاً عملياً للمدرسة. وهذا ينذر بأن يتحول الذهاب إلى المدرسة من باب تسجيل الحضور لضمان الاستمرار، بينما تحل الدروس الخصوصية عاملاً رئيس في تلقي العلم. المسألة بحاجة إلى استراتيجية تحقق للطالب اكتفاء أكاديمياً ونفسياً واجتماعياً يغنيه عن طلب هذا الاكتفاء خارج المدرسة. والاستراتيجية بحاجة فعلية لآراء الطلاب والطالبات، ليكونوا شركاء في بيئتهم المدرسية، وليسوا أتباعاً يساقون إليها كل صباح وكأنهم يساقون إلى عذاب.

 

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر