أوبرا ولميس
سيل من التعليقات على موقع «الإمارات اليوم» ومنتديات إلكترونية عدة، انهالت بعد ظهور الدكتورة لميس حمدان في برنامج «أوبرا» يوم السبت الماضي، ومعظم هذه الردود والتعليقات كانت غاضبة وضد الصورة التي ظهرت فيها لميس، وضد آرائها ايضاً. لقد اختارت المذيعة الشهيرة اوبرا وينفري دبي ضمن خمس مدن في العالم يسهل العيش فيها بسعادة ووئام ويسر. وهذا الاختيار لدبي لم يأت من فراغ، إذ جاء لأن دبي وضعت نفسها بين أهم المدن العالمية، بفضل إنجازاتها ومبادراتها النوعية، سواء على صعيد الاقتصاد أو الثقافة والعمران والأمان والتعايش بين جنسيات متعددة، علاوة على مبادراتها الإنسانية العالمية، ومن بينها «دبي العطاء» و«نور دبي» التي أعطت الضوء لعيون كثيرين، ومن مختلف البلدان، وكذلك المهرجان الدولي للشعر، والمهرجان السينمائي الدولي، وبرج دبي الأعلى بين أبراج العالم، وكذلك مترو دبي، ومهرجان التسوق، وغير ذلك. لذلك، حققت دبي صفة المدينة العالمية، بحضورها القوي، وهذا يضيف الى رصيد الإمارات كلها وسمعتها وصورتها. لذلك، اختارت أوبرا المدينة العربية الوحيدة، دبي، إلى جانب إسطنبول وطوكيو وريو دي جانيرو وكوبنهاغن. ومن حق كل العرب، وخصوصاً الإماراتيين أن يفخروا بهذا الاختيار في البرنامج الذي يعد من اكثر البرامج التلفزيونية مشاهدة في العالم.
وعن لميس حمدان، وكيف ظهرت وتحدثت، فهي عبرت عن آرائها الشخصية بالدرجة الأولى، وهذا من حقها، مهما اختلف كثيرون معها. وخصوصاً في ما يتعلق بالزي التقليدي أو الشعبي، وهو بالفعل مرتبط بثقافة المجتمع وتراثه وتقاليده وعاداته، إذ إن «العباية» و«الشيلة» و«البرقع» ربما لا تصنف ضمن اللباس الديني، وإن كانت تتوافق مع الدين، في مفهوم ستر الجسد وإخفاء تفاصيله. وهناك فرق بين الرداء التقليدي والرداء الديني. وكان كلام لميس يتركز على الثقافة المجتمعية. لميس اعترفت في اتصال هاتفي معها، إذ إنها لا تزور الولايات المتحدة حالياً، انها أخطأت في موضوع «مجانية الكهرباء»، وأوضحت أن خطابها كان موجهاً إلى الرأي العام الغربي، وخصوصاً الأميركي، في محاولة منها للتعريف بجوانب من الحياة في دبي. وهنا يمكن التعليق على أنها ربما قدمت صورة مبالغاً فيها، كما لو كانت ترد على «تهمة» غربية جاهزة موجهة إلى العرب كلهم. وحاولت إظهار التماسك الاجتماعي في الإمارات، عبر صورة العائلات التي تتجاور في سكناها وتتواصل مع بعضها باستمرار.
ولكن أيضاً، يمكن القول إنها أغفلت، أو لم يتح لها المجال، لتسليط الضوء على جوانب مهمة في حياة مدينة دبي، وتميزها بالتعايش الثقافي وتعزيز الحوار الثقافي والإنساني وإنجازاتها الكبرى وطبيعة المجتمع بصورة واضحة ومعنى الصحراء في الوجدان، بدلاً من التركيز على صورة مصغرة عن حياتها وعائلتها، خصوصاً أن هذه الصورة لا تنطبق على حياة آخرين، يرون فرحهم بابتسامة طفل وهو عائد من مدرسته، وعلى يديه آثار ألوان، بعدما رسم حلمه في ورقة صغيرة في الصف. وليس بالضرورة، إشباع الجوانب المادية، هو المصدر الوحيد لبلوغ درجة في سلالم السعادة. إذ ربما يحقق مشهد عناق البحر للبر فرحاً غامراً، وربما مشاهدة لوحة فنية معلقة على جدار في إحدى قاعات الفنون المنتشرة بكثرة في دبي تبهج الإنسان والجدار معاً.