عفواً سيدي القنصل أنت خارج الخط

فوجئت بتعليق القنصل الياباني العام في دبي، السيد سيشي اوتسوكا، الذي نشرته إحدى الصحف المحلية في وقت مبكر من هذا الأسبوع، والذي يشكو من خلاله من تأخر شركات دبي في تسديد مستحقات الشركات اليابانية. ولنا أن نتساءل ما اذا كانت مواصفات وظيفته دبلوماسياً معتمداً في البلاد تمنحه الحق في التعبير عن وجهة نظره تلك، أم أنه يا تُرى يتدخل في ما لا يعنيه؟ وهل يعمل السيد اوتسوكا قنصلاً عاماً لليابان ام انه متحدث رسمي باسم هذه الشركات اليابانية؟ فربما عينته تلك الشركات ممثلاً رسمياً لها ونسي ان يخبرنا بذلك. اندهشت وأصابني الإحباط من هذا الخرق الصريح للأعراف الدبلوماسية وللعلاقات الخاصة بين دولة الإمارات العربية المتحدة واليابان بادعائه ان الشركات الإماراتية مدينة للشركات اليابانية بمليارات الدولارات، التي كما قال، لا تستطيع سدادها.

وذهب إلى الحد الذي رمى فيه عن قصد اسم امارة دبي في هذا الشأن، بقوله ان «بعض شركات الإنشاءات اليابانية تواجه مشكلة مديونية متعثرة في الوقت الذي لا تستطيع فيه دبي الدفع».

ثم ذهب ليقر بأن الحكومة اليابانية لم تناقش تسديد تلك المديونيات مع حكومة دبي، ولم تتدخل مالياً لمساعدة تلك الشركات المتأثرة. حسناً، لا تريد الحكومة اليابانية التدخل، إذن فلماذا يحشر السيد القنصل العام أنفه في أمر لا يخصه؟ ولماذا يخرق وينتهك اعراف مهنته وتقاليدها، التي تتمثل كما أعتقد في إصدار تأشيرة الدخول؟ اكثر من ذلك، إذا كان بالفعل حريصاً على مساعدة شركات بلاده فهل ينبغي ان يلجأ إلى القنوات الدبلوماسية لتسوية هذه المعضلة اذا كانت هناك بالفعل مشكلة؟

هل منحته الشركات المعنية تفويضاً للتحدث نيابة عنها ام أن ذلك مجرد اجتهاد من شخص سلك الطريق الخطأ؟

انا شخصياً لا ارغب في الاعتقاد بأن القنصل العام يعمل في الخفاء مستشاراً للشركات اليابانية، او محامياً مأجوراً، ما يحرج سفارته وبلاده. لكنني اعتقد بأن هذا الدبلوماسي قد خانته تعليقاته غير الموفقة وغير الدبلوماسية فذهب ليحشر انفه في امر ليس من شأنه.

لدى الشركات اليابانية، بلا شك، عدد من الاتفاقات مع مثيلاتها في دبي، وانني متأكد من ان لدى تلك الشركات محامين ومستشارين مقتدرين يعرفون جيداً كيف يطالبون بأي مديونيات مستحقة في حالة وجودها، وحتى الآن فإننا لم نسمع أي تعليق من تلك الشركات التي تطوع القنصل للحديث باسمها.

اود ان انبه السيد اوتسوكا بأن دبي وشركات دبي ليست هي المؤسسات الوحيدة في العالم التي عليها التزامات مالية، وخلافها من الالتزامات حيال كيانات اخرى، وان شركات دبي لم تقل ابدا انها لن تسدد ما تدين به، ولم تقل ايضا انها غير قادرة على التسديد على الرغم من تأثرها بالأزمة المالية العالمية مثلها مثل بقية الشركات حول العالم.

وبطبيعة الحال تأثرت دبي بالأزمة لأن اقتصادها مرتبط بالاقتصاد العالمي ومن الطبيعي ان تتأثر بما تتأثر به الاقتصادات الأخرى، وهذا ليس سراً.

يبدو أن القنصل الياباني من خلال تعليقاته الغريبة قد انضم لتلك الجوقة التي صارت تعزف كل النغمات الشاذة ضد دبي، لا سيما في بعض اوساط الإعلام الغربي. اناشد حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة شجب هذا الموقف بشدة واستدعاء القنصل ورئيسه، السفير الياباني، للاحتجاج على هذا السلوك الشاذ، وربما ينبغي أن تعتبره الإمارات العربية المتحدة شخصاً غير مرغوب فيه.

الأكثر مشاركة