منطق معكوس ثلاث مرات!

سامي الريامي

تجاوز عدد مشتركي «اتصالات» الـ94 مليون مشترك، بعد أن وسّعت المؤسسة نشاطاتها في 18 دولة، معلومة تدعو إلى الفخر والفرح من دون شك، ساقها إلينا أحمد بن علي النائب الأول للرئيس في اتصالات..

نثمن هذا الإنجاز الذي يعكس حجم الجهد الذي تبذله المؤسسة، لكني مازلت أصرّ على أن هذا الانتشار كان يجب أن يصب في مصلحة الإمارات أولاً وأخيراً بكل تفاصيله، فكان من الأجدر والأولى أن تنشئ «اتصالات» مراكز لخدمة هذا العدد الكبير من المشتركين داخل الدولة، بدلاً من التخطيط بشكل معاكس وإنشاء المراكز خارج الدولة، لتقديم خدماتها إلى أهل الإمارات، ما يعني أن المنطق هنا معكوس تماماً! كان يجب استثمار نجاحات الإمارات وتفوقها في كل المجالات، خصوصاً التقنية والفنية والتعليمية لخدمة جميع الدول الـ18 التي توجد فيها «اتصالات»، إضافة إلى التفكير بشكل جدي في توفير وخلق فرص عمل داخلية، تتناسب أعدادها مع حجم الانتشار الكبير للمؤسسة.

ومع ذلك، فإنه ومع هذا الانتشار، علينا ألا نغفل نقطة في غاية الأهمية، فعلى الرغم من وجود نحو 84 مليون مشترك لـ«اتصالات» في دول خارجية، ووجود نحو 10 ملايين مشترك داخل الدولة، فإن الأرقام تؤكد أن «اتصالات» تحقق ما يفوق الـ95٪ من صافي أرباحها السنوية من «جيوب» هؤلاء العشرة ملايين مشترك، بينما تتوزع النسبة الضئيلة المتبقية من الربح من «جيوب» بقية الملايين من المشتركين الخارجيين، فهل يعقل أن تجني «اتصالات» أرباحها من داخل الدولة، وتقوم بالتوسع والاستثمار وتقديم التسهيلات وخلق فرص عمل للدول الأخرى؟ منطق معكوس مرة أخرى!

«اتصالات» شركة وطنية، لا خلاف على ذلك، لكن التسهيلات التي تحصل عليها في الإمارات لا يمكن أن تحصل عليها في أي بلد آخر، ومع ذلك فالتسهيلات التي تقدمها المؤسسة إلى المشتركين الآخرين، والدول الأخرى، تفوق بكثير ما تقدمه إلى مشتركي الإمارات.

وبكل تأكيد لم تكن لتبخل أي إمارة من إمارات الدولة على «اتصالات» لو تقدمت بطلب لإنشاء مركز اتصال رئيس أو مساعد أو حتى مؤقت، مهمته خدمة مشتركي الإمارات أو حتى المشتركين الآخرين، خصوصاً إذا كانت هناك مصلحة مباشرة من إنشاء هذا المركز، ستعود على شباب أو شابات الوطن، الباحثين عن فرص عمل في إماراتهم، لم تبخل الدولة من قبل على المؤسسة في الحصول على أراضٍ في أماكن مميزة، لإنشاء المراكز الرئيسة المعروفة بأبراج «اتصالات» في الإمارات كافة مجاناً من دون مقابل، بل توجد هناك أبراج تجارية تستفيد منها «اتصالات»، شيدتها على أراضٍ حصلت عليها «بلاش» من دون مقابل من الدولة، والأكثر من ذلك تستأجر وزارة الاقتصاد، وهي جهة حكومية، مكاتب في بناية تجارية تتبع لـ«اتصالات» بمقابل سنوي، على الرغم من أن الأرض المشيد عليها هذا المبنى هي حكومية خالصة، حصلت عليها «اتصالات» مجاناً! أشياء ربما تعتبر بسيطة للغاية مقارنة بأشياء أخرى كثيرة لا تعد ولا تحصى، قدمتها الدولة إلى مؤسسة «اتصالات» أسهمت بكل تأكيد في زيادة قوتها التنافسية، ونموها، وتعاظم أرباحها، ومع ذلك لم نقرأ أي تصريح من مسؤول حكومي يعدد هذه المزايا والتسهيلات، بينما نقرأ بين فترة وأخرى أن «اتصالات» قدمت إلى الحكومة 52 مليار درهم منذ إنشائها، منطق معكوس للمرة الثالثة!

 

reyami@emaratalyoum.com

تويتر