الابتزاز الدولي لدول الخليج
إن معطيات الأزمة المالية العالمية تؤكد حقيقة أنها من صنيعة الدول الكبرى من أجل ابتزاز دول الخليج، التي تملك أكبر الصناديق السيادية في العالم ودول العالم النامي عامة، وذلك من منطلق تفويت الفرصة على الدول الخليجية لتحقيق أهدافها واستقلالها الاقتصادي وابتزاز ثرواتها المتراكمة بعد ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات الأربع الماضية، حيث يمر الاقتصاد الأميركي بمرحلة حرجة، بينما توجد الثروات الخليجية الكبيرة في مصارفها وأسواقها المالية وقطاعها العقاري.
وقد كان للولايات المتحدة ما أرادت من ابتزازها للثروات الخليجية، حيث حملت مقالة داهية السـياسة الأميركية ووزير خارجيتها السابق، هنري كيسنجر، المنشورة في صحيفة «انترناشيونال هيرالد تريبيون» في 19 سبتمبر 2007 الكثير من عبارات التهديد والتخويف والقلق لدول المنطقة، لاسيما دول الخليج، حيث قال فيها إنه «يجب على الغرب أن يحذر من تكدس مليارات النفط في الخليج ومن صناديق الثروة الخليجية التي يمكن أن تتحول من التأثير الاقتصادي إلى التأثير السياسي»، كما أشار في مقالته إلى أن «ارتفاع أسعار النفط أدى إلى نشوء أكبر ظاهرة بالتاريخ لانتقال الثروات من منطقة بالعالم إلى أخرى، حتى إن دول (أوبك) ستحصل في عام 2008 على ما قد يصل إلى تريليون دولار، الأمر الذي قد تكون له آثار سياسية مستقبلية». إن الدول الصناعية الكبرى تدرك جيداً أن الأزمات الاقتصادية تكون ذات آثار محدودة في محيط الاقتصادات الكبيرة، لأنها قادرة على تقليص آثارها في وقت محدود، فيما تكون الآثار وخيمة وعميقة في الاقتصادات الناشئة مثل اقتصادات دول الخليج، التي تفتقر إلى قاعدة إنتاجية صلبة، وهذا ما أكدته الأزمات العديدة التي تعرضت لها المنطقة وحولتها من دول الفائض إلى دول العجز، ومن دول دائنة إلى دول مدينة.