«أمل سالم»

عبدالله الشويخ

يومان على إتمام أجمل أحلام العرب عامه الثامن والثلاثين، في تلك الأعوام كان لصديقي سالم أو بوغنيم أمل واحد وهو أن يصافح الشيخ زايد رحمه الله ويبلغه سلام أهالي منطقته، ولد بوغنيم في قرية نائية تحتضنها سلسلة جبال لذا فقد كانت له ميزة على جيل سبق وجيل لحق بأنه عاصر فترة النهضة وتحول منطقته من منطقة نائية إلى منطقة يتمنى معظم سكان المعمورة أن يقضوا بقية أعمارهم فيها.. بدأت رحلة بوغنيم في صحيفة المدرسة، حيث كان هاوياً؟ بل مهوساً؟ بتجميع كل صورة أو خبر يحوي صورة للشيخ زايد، الصور المقصوصة من الصحف تم تغليفها بعناية، فهنا الشيخ زايد يفتتح مشروعاً تنموياً في مصر، وهنا زايد يعيد الحياة لسد مأرب، وهنا يطوف بالبيت الحرام، وهناك يتلقى القبلة الشهيرة من الراحل ياسر عرفات.. وظل بوغنيم صغيراً ينتظر زيارة الشيخ زايد إلى منطقته، وكلما أظلت غيوم الزيارة وسيول الخير تسابق الكبار للسلام على الشيخ ودفع ببوغنيم إلى الوراء لصغر سنه ولم يحقق حلمه طفلاً بلقاء من يحب.. اشتد عود صديقي بوغنيم واشتدت العواصف والريح الصفراء في جزيرة العرب وبدأت مصائب القرن الحديث بفتنة الكويت في عام ،1991 وأعلن عن زيارة للشيخ زايد إلى فرق المتطوعين في ذلك الحين فبذل بوغنيم جهداً خرافياً في التدريبات والمناورات لكي يكون من المتفوقين في الصفوف الأولى، والذين سيشرفون بالسلام على الشيخ أثناء زيارته، وعندما وصل الشيخ لزيارة المتطوعين في نهاية عام 90 أمر بعدم وضع أي حواجز بينه وبين المتطوعين وترك من يرغب منهم في السلام عليه مباشرة ما جعل الجنود يتكاثفون ويتحلقون بالآلاف للسلام على سموه.. وضاعت معها فرصة بوغنيم مرة أخرى.. ولكنه بقي يحمل حلمه ويصبغ بألوانه أيامه مع كل عيد اتحاد ومع كل عيد يستقبل فيه الشيخ المواطنين ويشد الرحال إلى العين أو أبوظبي أو أي مدينة يسمع بأن الشيخ زايد في زيارة لها، وبقي بعد الطريق وحب الناس للشيخ زايد يحول بينه وبين لقائه، حتى أنه سمع أثناء افتتاح مركز المارينا مول في أبوظبي أن الشيخ يسلم على الحضور في الافتتاح فشد رحاله من فوره في أربع ساعات حتى وصل إلى هناك وقيل له عندها إن سموه قد غادر.

في الأيام الماضية انتقل بوغنيم إلى العاصمة وهاله ما طرأ عليها من تغيير وقد اكتست بحلة استقبال العيد الثامن والثلاثين، رأيته يمسح دمعه وهو يقرأ الفاتحة أمام الضريح ثم ينظر في اتجاه المدينة الشامخة ويقول لي بصوت خفيض: الآن رأيته!

عندما تنتهي الاحتفالات الصاخبة وينصرف الجمهور.. لا يبقى مع عريف الحفل أحد في القاعة الكبيرة.. لأن الكل يذهب إلى زحمة الحياة.. ويبقى المحب الصادق يصفق وحيداً.

 

shwaikh@eim.ae

تويتر