تهويل.. يقابله وضوح وطني

سامي الريامي

لابد أن كثيراً من المحللين والصحافيين، الذين تورطوا مهنياً وأخلاقياً في قراءات معكوسة ومغلوطة لإعادة هيكلة ديون «دبي العالمية»، قد قرأوا كلمة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة في مناسبة العيد الوطني الـ،38 ووقفوا على حقيقة الوضوح الوطني تجاه وحدة الدولة كياناً وسوقاً ومصيراً، فسموه أكد «وحدة السوق على امتداد الوطن»، مشدداً على أن «الأزمة العالمية لن تكون سبباً يدعونا إلى التردد أو التراجع».

من المفيد لصائدي الفرص الضائعة، أن يقفوا على دلالات كلمة رئيس الدولة، بدلاً من التحليلات الساذجة، من نوع «دبي أفلست»، أو الذهاب بعيداً في المبالغة، كقول أحدهم «عندما استبشر العالم بقرب نهاية الأزمة المالية، جاءت دبي لتعيد الأزمة المالية العالمية إلى نقطة البداية»!

ومن المفيد لهؤلاء أيضاً أن يلاحظوا كيف تعامل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد مع أحلامهم، حينما أعرب، أمس، عن عدم قلقه لهذه الضجة الإعلامية المبالغ فيها، وقال حرفياً «إننا فى دولة الإمارات عموماً، ودبي خصوصاً، أقوياء ومثابرون ولدينا العزيمة وقوة الإرادة، لا إرادة القوة لمواجهة التحديات كافة».

هذا الوضوح في الموقف الوطني يأتي بعد مبالغات وتهويل، فدبي ليست شركة لكي تعلن إفلاسها، وهناك فرق كبير، بل خلط مُتعمّد، بين ديون بعض الشركات المحلية، وديون الحكومة نفسها.

وحتى لو افترضنا جدلاً إفلاس شركة في دبي بسبب الأزمة المالية، ما الغريب في ذلك؟ ألم يحصِ أحد، إلى اليوم، عدد الشركات الضخمة التي أعلنت إفلاسها على مستوى العالم؟ ألم تكن معظم الشركات الأميركية التي كانت في يوم من الأيام تدير رؤوس أموال ضخمة، تفوق ما تديره شركات دبي مجتمعة، على شفا حفرة من الإفلاس، بل وأفلس بعضها على الرغم من تدخلات الحكومة الأميركية.

ومع ذلك، لم تعلن شركة في دبي إفلاسها إلى اليوم، وكل ما حدث هو تدخل حكومي، لإعادة هيكلة وترتيب أوضاع شركة من الشركات، تماماً مثل ما قامت به الحكومة الأميركية مع مئات الشركات، وما قامت به الدول الأوروبية جميعها، وحتى اليابان، جميع حكومات العالم تخلت عن أفكارها وإيديولوجياتها، وتدخلت لإنقاذ القطاع الخاص، فما الغريب في حالة دبي؟! الغريب، فقط، هو أن دبي «لا تواجه أزمة مديونية مالية، ولكنها تواجه أزمة منافسة غير شريفة».

ما يتجاهله الكثيرون، هو أن دبي ليست دولة، بل هي جزء من دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تعتبر بكل فخر ثاني أهم وأكبر اقتصاد خليجي، وثاني أكبر اقتصاد عربي.

محاولات المتصيدين، الذين يحاولون التفريق بين دبي والإمارات، لا تتعدى كونها عبثاً، والأخبار المدسوسة التي تبثها وكالات الأنباء والفضائيات والصحف الموجهة والمشبوهة لن تؤثر في طبيعة علاقات الإمارات ببعضها بعضاً، فهم لن يدركوا أبداً حجم التماسك والتلاحم بين أبناء زايد، وهم لن يدركوا أن أبوظبي ودبي كيان واحد، رسالة الشيخ محمد بن راشد، أمس، لا تحتاج إلى شرح لمن يضع ضميره نصب قلمه حينما يكتب، فقد قال «الشجرة المثمرة الكل يحاول أن يرميها بحجر، فكيف إذا كان لدينا سبعة بساتين مثمرة أو أكثر، فمن الطبيعي أن نتعرض لكل هذه المبالغات البعيدة عن الواقع».

reyami@emaratalyoum.com

تويتر