الأزمات سلاح ضد شعوب العالم الثالث
في ضوء الانفتاح الكبير لاقتصادات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي على الاقتصاد العالمي، ورغبة دول المجلس في تحقيق اندماجات أكبر في الأسواق العالمية، فإن هناك جملة من العوامل الخارجية التي كان لها تأثير سلبي في الأوضاع الاقتصادية، زادت من التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية في دول المنطقة ذاتها، بسبب طبيعة الساحة الاقتصادية، وسرعة انتقال عدوى الأزمة، وتأثيراتها السلبية التي بدأت في الأسواق المالية، ثم استثمارات دول المجلس الخارجية، وتدفقاتها النقدية، ثم الأسواق النفطية، والسوق العقارية ثم التجارة الخارجية (الصادرات والواردات)، والتحولات التي شهدتها وفاقمت من تداعيات الأزمة.
فضلاً عن وجود مجموعة من الروابط بين اقتصادات المنطقة والاقتصاد العالمي، ودرجة ارتباط عالية تتمثل في الأوضاع الاقتصادية المتراجعة والمتذبذبة في بعض الأحيان في الساحة الدولية، خصوصاً على صعيد الاقتصاد الأميركي، حيث بلغ حجم الدين الأميركي في عام الأزمة نفسه نحو 5.7 تريليونات دولار بسبب الحروب والاقتصاديات الضريبية، وزيادة الإنفاق، وخطة الإنقاذ المالي الحكومية.
كما بلغ عجز الموازنة الحكومية الاتحادية نحو 455 مليار دولار، مقابل 162 مليار دولار عام .2007 أما البطالة فقد تفاقمت معدلاتها لتصل إلى نحو أربعة ملايين عاطل، فضلاً عن العجز المتفاقم في الميزان التجاري، لاسيما في دول صناعية مثل الصين واليابان. ومما فاقم الوضع الاقتصادي، خسائر الولايات المتحدة بسبب الأزمة المالية العالمية والتي تقدر بنحو 1.4 تريليون دولار.
كذلك، فإن الحروب الاقتصادية والتجارية العالمية بين القوى الاقتصادية العالمية، لاسيما الولايات المتحدة والصين، ثم الولايات المتحدة وروسيا، حيث التباين الواضح في الأهداف الاستراتيجية وتضارب المصالح والصراع على مصادر الطاقة والثروات الطبيعية في مختلف دول العالم، كل تلك الحروب أدخلت العالم في نفق الأزمة المظلم، ما نجم عنه تداعيات خطيرة على مختلف الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والأمنية.
إن الأزمات الاقتصادية أضحت سلاحاً تستخدمه دول عظمى ضد اقتصادات ومجتمعات العالم الثالث، والذي يندرج تحت إطار الإرهاب الاقتصادي، أو الابتزاز العالمي، أو التهديد الاستراتيجي الموجه لشعوب العالم الثالث، ومنها دول مجلس التعاون.