دبي في الأخبار..
تصدّرت دبي الأخبار في أسبوع العيدين الأضحى والوطني، ووجد المحللون والمعلقون في محطات التلفزة والصحف والمواقع الإلكترونية مادة خصبة للحديث عن أبعاد أزمة ديون مجموعة «دبي العالمية». وكان لاهتزاز الأسواق العالمية الحصة الأكبر من الرأي والتحليل، بعضه واقعي ودقيق، وبعضه تهويل وشطط، فيما كان أهل دبي، مواطنين ومقيمين، منهمكين في الاحتفال بالعيدين في الأسواق والمراكز التجارية، مع نشاط استثنائي لحركة الاتصالات الهاتفية بين دبي والعالم، وكلها فيها سؤال عن أحوال المدينة وأخبارها، وتداعيات الأزمة على سكانها.
للإعلام فعل سحري في الناس الذين تجذبهم الأخبار السيئة، وتثير فضولهم، وتجعلهم في كثير من الأحيان أدوات لترويج الصواب والخطأ معاً. أعرف امرأة ألمانية مقيمة في دبي منذ خمس سنوات اتصل بها ذووها، وعرضوا عليها أن يرسلوا إليها تذكرة طيران لتعود سريعاً، فطلبت منهم أن يسارعوا إلى إرسال ثمن التذكرة لتتسوق بها في الإجازة الطويلة، واستغرب ذووها حينما أكدت لهم أنها تجد صعوبة في إيجاد موقف لسيارتها في المراكز التجارية المكتظة بالبشر في المدينة.
الأرقام التي نشرتها الصحف المحلية أظهرت ارتفاع مبيعات المراكز التجارية في دبي خلال أيام العيدين، أي في خضم التقارير الإعلامية عن سوء النشاط الاقتصادي في دبي، وانعكاسات أزمة الديون على الحياة العامة، ومن يعش في دبي يستطع أن يعرف أن إحدى شركات دبي العملاقة تتعرض لأزمة مالية، وأن هناك إجراءات معالجة، مثلما حدث في أنحاء كثيرة من العالم أثناء الأزمة المالية، وما عدا ذلك فالأمور طبيعية، والنشاط الاجتماعي في الإجازة كان محركاً للنشاط الاقتصادي، وليس هناك كارثة فعلاً!
الملاحظ أن مجتمع دبي شكل خبرات في التعامل مع الأزمات ومع الإعلام أيضاً، فقد تعاطى منذ الربع الأخير من العام الماضي وهذا العام مع إعلام غربي وعربي متحفز دائماً إلى الذهاب بما يحدث في دبي خارج سياقه غالباً.
نتذكر في مطلع هذا العام أن تقارير غربية في صحف بريطانية وأميركية وإسرائيلية ذكرت أن مليوني عامل غادروا دبي، أي ضعف عدد سكانها تقريباً، وأن المراكز التجارية أصبحت خاوية تماماً من المتسوقين، وقبلها نتذكر محطة تلفزيونية أظهرت امرأة أجنبية تؤكد أن أسواق دبي باتت خالية من الخبز والحليب. وبلغت الطرافة أقصى حدودها حينما قالت المحطة نفسها إن كل من يخوض في نقاش عن الوضع الاقتصادي في الدولة يتلقى غرامة مالية.
الإعلام مؤثر في تشكيل الرأي العام وميوله، ولكن تراكم الخبرة مهم أيضاً لجهة تثبيت قناعات ونفي أخرى. فقد تلقى الناس مثلاً من الإعلام، وبعضه عربي قريب، منذ 14 شهراً أخباراً عن انهيار عقاري عام في دبي، وواقع الحال أنهم اكتشفوا أن هناك تراجعاً عقارياً يتشابه مع مثيله في الجوار والعالم. فالناس هنا هم من يشترون ويستأجرون، ويتسوقون، ولذلك تتكون لديهم مع التجارب مناعة ضد القراءات الإعلامية السلبية. وسط ذلك كله، وجد أهل دبي مدينتهم في الأخبار خلال الأيام الأخيرة غير تلك التي يعيشون فيها ويأكلون ويشربون ويحتفلون، ووجدوا أهمية معنى أن تكون دائماً في الأخبار، ومعنى أنك تعيش في مكان يجذب الضوء والاهتمام، ويطرد الهامشية والتجاهل.