الشماتة تغيظ الرجال

سامي الريامي

الشماتة تغيظ الرجال، وهي السبب الوحيد الذي يجعلني، اليوم، أطالب بإعادة النظر في سياسة المهادنة الإعلامية، والاحتفاء السنوي ببعض الكتّاب، وبعض أهل الصحافة العربية، الذين أثبتت الأزمات السابقة أنهم لن يكونوا عوناً لنا أبداً، بل على النقيض من ذلك، معظم المحتفى بهم هم، دائماً، أول الشامتين، والشاتمين أيضاً!

لا مانع من استضافة الصحافيين العرب والأجانب في مناسبات وطنية واجتماعية، هذا في حد ذاته ليس خطأ، ولا خلاف عليه، بل هو شبه «بروتوكول» يُعمل به في جميع دول العالم من دون استثناء ربما، ولا اعتراض أبداً على الانتقادات الهادفة من أي كاتب، فليس كل منتقد حاقداً أو حاسداً، وبطبيعة الحال يجب ألا ننتظر المدح والثناء من كل إنسان وطأ برجله أرض الدولة، وأعتقد أن هناك الكثير من الأمور والسياسات تم تعديلها، بناء على انتقادات هادفة من قبل صحافيي الداخل والخارج، لا خلاف على ذلك، ولا حرج من ذلك أبداً.

لكن ما حدث خلال الهجمة الإعلامية الشرسة على دبي، لم يكن في هذا الإطار أبداً، بل كانت رائحة الشماتة بالغة الوضوح من كتاب بالغنا في السنوات الماضية في استمالتهم، بشكل غير مبرر، عدد محدود جداً منهم يدعون في كل المناسبات، ويحظون بأفضل استضافة، ويُعاملون معاملة الوزراء، وتسخر لهم الجوائز والأموال، وهم اليوم أشد المهاجمين، وأشرس الكاذبين، وأكثر الفرحين الشامتين، فهل لنا أن نتساءل اليوم عمن زرع في عقولنا فكرة استمالة تلك الأسماء؟ وهل لنا أن نتساءل عن فائدة ومردود الأموال التي دفعت بشكل أو بآخر لهؤلاء؟ وهل سنراهم مجدداً في مناسبات من نوع جائزة الصحافة العربية، أو المنتدى الإعلامي، لكي نسمع تبريرات خادعة وأعذاراً كثيرة، سرعان ما نقرأ خلافها على شكل مزيد من الشماتة والشتيمة في أقرب أزمة «مفتعلة» أخرى؟!

أعتقد أننا اليوم لسنا بحاجة إلى مثل هؤلاء، ولا نحتاج إلى كثير من المناسبات الشكلية التي يستفيدون منها بحكم علاقاتهم الشخصية، لا بحكم أهميتهم على الساحة الإعلامية العربية، كما أن تلك المناسبات ليست ذات مردود حقيقي على البلد، ومن الأفضل لو وفـرنا قيمـتها في أمور إعلامية أكثر أهمية!

نحن بحاجة إلى ألا نلدغ من الجحر ذاته أكثر من مرة، ومثل هؤلاء الكتاب سرعان ما ينكشفون أمام القراء، فهناك الكثير من المثقفين والواعين والمهتمين، ممن يعلمون بواطن الأمور وظواهرها، وفي الأغلب لا تنطلي عليهم تلك الافتراءات، ولعل المثال الساطع على ذلك تلك الردود المفرحة، من الإخوة العرب المقيمين في الإمارات، على زوايا كثير من الكتاب الذين هاجموا دبي لمصالحهم الخاصة، أمثال عبدالباري عطوان الذي بالغ في الكشف عن وجهه الآخر، فوجد الرد من العرب المقيمين أشد فتكاً من كلماته المسمومة، فهم أشد فهماً ودرايةً ومعرفة منه بحقيقة الإمارات وأهلها، وهم أشمل في رؤيتهم لها، من رؤيته الضيقة الواضحة الأهداف والأسباب، فهل سنستفيد من درس عطوان وغيره، أم سنظل دائماً نعطي خدنا الأيمن لكل من ضربنا على الأيسر؟!

reyami@emaratalyoum.com

تويتر