لا يهم من فاز
ليس مهماً من فاز في انتخابات مجلس إدارة غرفة تجارة أبوظبي، ولا يمكن تسمية من لم تحالفهم فرصة الانضمام إلى عضوية المجلس خلال العملية الانتخابية التي بدأت وانتهت أمس بالخاسرين، فالواقع يثبت أن الجميع خرجوا من هذه التجربة رابحين، والأهم من مسألة الفوز والخسارة هو التمرين على العملية الديمقراطية، وتعزيز الوعي الانتخابي لدى هذه الفئة المتمثلة في رجال المال والأعمال، والبالغ عددها نحو 71 ألف عضو في غرفة أبوظبي، ترشح منهم 71 من المواطنين و15 من الأجانب للفوز بـ15 مقعداً، وشارك في عملية التصويت والفرز ما يقارب الـ20 ألف شخص.
الممارسة الديمقراطية، والسلوك الانتخابي، وتكريس هذا الفكر والعمل، هي الأهم من فوز فلان أو خسارة قائمة، ونجاح مسؤولي وموظفي الغرفة في تسيير العملية الانتخابية بمنتهى السلاسة، والتفوق التنظيمي الملموس بفضل الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة، والحرص على تجاوز أي سلبية متوقعة، كل هذه الأمور وغيرها، أسهم في الرقي بالعملية الانتخابية، وإنجاح الممارسة بشكل لافت.
الخبرة العملية التي اكتسبتها غرفة تجارة أبوظبي بفضل تكرار التجربة للمرة الثانية، جعلت الأمور أسهل وأيسر وأفضل، ومن دون شك فإن تراكم الخبرات للمرة الثانية والثالثة مستقبلاً سيجعل من تنظيم انتخابات لأعداد تفوق العدد الحالي مسألة في غاية السهولة لأعضاء فريق الغرفة، فالممارسات تزيد الخبرات والمهارات، والمهارات تلغي السلبيات، وهذا أكبر مكاسب العمليات الانتخابية.
ولعل تغيير القاعات لهذا العام، والانتقال بالعملية إلى مركز المعارض في موقعه الجديد، منح المنظمين ساحات فسيحة سهّلت معها توفير أماكن مريحة للاستقبال، والتدقيق على الأوراق، ومن ثم إصدار الأرقام والوثائق الخاصة بالعملية الانتخابية، إضافة إلى أماكن مخصصة للاقتراع زُودت بأجهزة الحاسب الآلي لتسهيل العملية، كل ذلك مع توفير قاعات خاصة بالنساء، وأماكن في وسط القاعات لأعضاء لجنة الانتخابات التي انعقدت طوال ساعات الاقتراع للنظر في أي شكوى أو اقتراح والوقوف على أي مستجد، وأمور أخرى كلها أسهمت في نجاح سير الانتخابات.
الممارسة الانتخابية لم تكن فقط في التنظيم، بل إن المرشحين أنفسهم دخلوا في تجربة ومعمعة الانتخابات، وبدت واضحة مسائل التربيطات الانتخابية، إضافة إلى التركيز على الدعايات الانتخابية، وتعليق الصور على الجدران، والـ«تي شيرتات»، وتوزيع البرامج الانتخابية على الجميع لكسب الأصوات، والقلق الذي كان بادياً على معظم المرشحين، وجميع علامات الاحمرار والاصفرار أثناء انتظار النتائج، لاشك أنها كلها تمارين انتخابية جيدة ومفيدة للمستقبل ولنشر الوعي الديمقراطي بشكل مكثف.
التنوع أيضاً كان حاضراً في انتخابات غرفة تجارة أبوظبي، فالعنصر النسائي كان موجوداً سواء في المرشحات من سيدات الأعمال اللواتي نافسن الرجال بشدة، أو من خلال الموظفات الموجودات في مختلف القاعات منظمات ومراقبات، أيضا الآسيويون والعرب والأجانب من رجال الأعمال ومسانديهم والمصوتين لهم كانوا هناك، وبكثرة، وبوسائل دعائية ربما تكون جديدة كاستخدام الأطفال مدججين بملابس خاصة بالمرشح وصوره، أو تحميس المقترعين واجتذابهم بشتى الطرق، كل تلك الأمور أعطت الانتخابات نكهة حقيقية، وعاش الجميع في جو ديمقراطي وحماسي للفوز بمقاعد مجلس الإدارة.
نبارك للفائزين، لكننا نؤكد أنه ليس مهماً من فاز، بقدر أهمية تكريس الممارسة الديمقراطية، ونجاح العملية الانتخابية بشكل جميل ومنظم.