قصعة المناخ

المناخ على مائدة اجتماعات كوبنهاغن، الوجبة دسمة والأيادي التي تتنازعها كثيرة، وأكثرها طويل، ولذلك فإن المناخ، مثل أشياء كثيرة في هذا العالم، سيكون عرضة للتقاسم حسب طول كل يد من أيدي المشاركين وحجم بطونهم، وثقل رأسمالهم. قمة كوبنهاغن المناخية انطلقت أمس، واستبق انطلاقة اجتماعها التساومية إطلاق القطار ٌىٍفم ِْم وعلى متنه 450 شخصا من مسؤولي الأمم المتحدة وإعلاميين وناشطين في مجال البيئة. وخارج قاعات الاجتماعات يتم الإعداد لمسيرات وتظاهرات ينظمها ناشطون في مجال البيئة وحماية المناخ. ووسط كل هذه «الربشة» تتسرب معلومات، تلبس قميص العلم، تحاول أن تدير النقاش بطريقة مختلفة، وتسحبه إلى «سكة» أخرى، ربما تؤدي إلى إعادة توجيه الحوار نحو اتجاه يبعثر الأوراق جميعا، ويعطل أي رغبة في الاتفاق، ولو كان ذلك من باب الأمل والتمني. اجتماعات كوبنهاغن، التي يتوقع أن تستمر لمدة أسبوعين من الزمان، ويحضرها عدد من قادة الدول الأكثر اعتداء على المناخ، وهي عموم الدول الصناعية المتقدمة إلى جانب الصين والهند، ستعمل، كما يشيع المنظمون، على التوصل إلى اتفاق جديد يحل بديلا عن بروتوكول كيوتو الذي ينتهي العمل به في .2012 ويراهن المتفائلون على تحقيق القمة اتفاقاً يحدد الأهداف، ويقرر الإسهامات، ويضع خطة العمل. ونريد أن نتفاءل معهم، ولكن علماء في جامعة «إيست انغليا» البريطانية بددوا هذا التفاؤل عندما تبادلوا في ما بينهم رسائل إلكترونية وصلت أخبارها إلى العالم، ترفع اللوم عن الإنسان في التخريب المناخي وترميه على الطبيعة ذاتها! وبحكم المصلحة وصلت الرسالة إلى أروقة الاجتماعات فتلقفها المجتمعون، ولا أدري بعد هذه الأخبار«العلمية» المدروسة في توقيت تسريبها، إن كانت دول الاتحاد الأوروبي لاتزال عند عرضها بخفض الانبعاث الحراري من 20٪ إلى 30٪ بحلول عام .2020 وربما يكون علماء بريطانيا قد سهلوا كذلك على الصين والهند المستهدفتين من الدول الصناعية القديمة في صناعتهما الواعدة تحت وطأة الدفاع عن مناخ الأرض. المهم أن الاجتماعات قائمة، وربما تتمضمض عن اتفاق أو بروتوكول، ولكن عيون الجشع الرأسمالي مفتوحة وحواسها متحفزة، فصلاح المناخ يعني بالرأسمالي الفصيح خراب المصالح. والمصالح لاتزال هي الأقوى والأوقع من الإصلاح، في المناخ وفي أشياء أخرى كثيرة.

 

adel.m.alrashed@gmail.com

الأكثر مشاركة