أقول لكم
لأنني مقتنع بالقول المأثور «رب ضارة نافعة»، جعلت من الغيمة السوداء التي تمر بنا مصدراً للتفاؤل، على عكس كثيرين تسيطر النظرة السوداوية عليهم، حتى ولو كانت السماء صافية وأسباب التفاؤل كثيرة، وأولها أننا ومن خلال الحملة العربية المنظمة إعلامياً، عرفنا كيف يدار كثير من الحملات الموجهة لأغراض في نفوس مريضة، لا تعرف سوى العمل في الخفاء، واتضحت لنا أساليب الارتزاق والارتماء في أحضان من يدفع لتحسين صورته المهزوزة، وكيف تقبل بعض الأسماء المتسلقة بيع ضمائرها، من أجل منافع شخصية.
وثاني الأسباب التي تجعلني متفائلاً هو ما تفتح أمامنا من أن المال العام يجب أن تخصص له أجهزة قادرة على حمايته، إضافة إلى قوانين واضحة تساند أعمال تلك الأجهزة، وتمنع تضارب المصالح الذي كان سائداً خلال الفترة السابقة، إلى درجة خلطت الأوراق ببعضها بعضاً، فكان المؤتمن على الشيء هو البائع والشاري والمانع والمعطي، فظهرت بؤر فساد كثيرة، وبانت أساليب تلاعب أكثر منها، وتداخل العمل الفني بالنفوذ، وانتشرت مسميات للفساد والابتزاز والهدر ما كنا نعرفها، وأصبحت الرشوة عمولة، وأصبحت المحاباة شطارة، وتحولت سياسة تبادل المنافع، بين من بيدهم أمور الإدارة، إلى ظاهرة شبه مقبولة، وأصبحت الهيمنة العائلية مباحة، ولهذا أصبح وجود الأجهزة المختصة بحماية المال العام ووجود قوانين محاسبة لمن يخلّون بواجباتهم يحتمه ما اكتشفناه من خلل في ظل التجربة السابقة.
والسبب الثالث نراه في الاتجاه الذي بدأنا نتبعه في الأيام الأخيرة، وأقصد به توضيح كل لبس يقع فيه الإعلام، فالحقيقة باتت معلنة، ولها جهات ورجال قادرون على تقديمها، وهذا ما يدعونا إلى التفاؤل بأننا لابد أن نقنن حق الحصول على المعلومات، وأن نجبر كل الجهات بحكم القانون على تقديم الحقائق إلى الناس، خصوصاً أن سياسة الإخفاء أثبتت أن مضارها كثيرة وخطرة، وأن من تعوّد الضحك على الرأي العام لن يتردد في التدليس على الجهات العليا، ومن يسمح له بإعطاء معلومات عامة غير صحيحة هو نفسه الذي سيقدم معلومات في تقارير خاصة، لا يطلع عليها إلا من يحضر الاجتماعات الخاصة.