العراق في السينما
تُنظم معاهد غوته في أربيل ودمشق، بالتعاون مع الهيئة الملكية الأردنية في عمان، «أيام السينما العراقية»، وتُنسق البرنامج أمينته الألمانية باربرا كوفمان.
ومعظم أفلام البرنامج، وعددها 19 فيلماً، تم إنتاجها خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وهي تسجيلية وروائية طويلة ومتوسطة الطول وقصيرة، منها الروائي الطويل«زمان»، وهو من إنتاج عراقي فرنسي في .2003
يبدو أن وضع السينمائيين العراقيين أصبح، مع الفارق، شبيهاً بوضع السينمائيين الفلسطينيين، فمنهم من بدأ بعد 2003 يصنع أفلاما في العراق، بصعوبة لا توصف، بينما بدأ أكثرهم يصنع في الشتات في العراق، بدعم أوروبي، ومنهم من بدأ يصنع أفلامه حول موضوعات عراقية في المنفى.
وإذا ما دققنا في البرنامج، سنكتشف أن معظم الأفلام تم إنتاجها في الشتات، حيث يقيم مخرجوها في فرنسا وهولندا والنرويج وأميركا وإنجلترا والدنمارك وألمانيا وروسيا.. إلخ، إضافة إلى أفلام قصيرة أنتحت في العراق.
الأحد الماضي تم افتتاح البرنامج، أولاً، في دمشق بعرض فيلمين: الأول الفيلم القصير «روح السينما»، من إخراج علي هاشم حسين، والثاني الفيلم الطويل «زمان-رجل القصب»، من إخراج عامر علوان، وبطولة الممثل سامي قفطان. وأهميته في أنه أول من بدأ يؤسس لمرحلة جديدة في إنتاج سينمائي عراقي، توقف تماماً في نهاية التسعينات. بدأ تصوير الفيلم في بداية ،2003 ومع أن قصته الإنسانية هادئة وغنائية، لم تقترب من أحوال البلد، السياسية أو الاجتماعية الصعبة، إلا أنه تعرّض لعراقيل ورقابة شديدة، انتهت بمصادرة خمسة فصول مصورة منه، ما دفع مخرجه إلى إنجازه في باريس، ليحصل على الدعم المطلوب من الآرته الفرنسية، من دون استخدام ما صوره في الفصول المُصادرة التي فقدت تماماً بعد الاحتلال!
وحينما بدأ الفيلم يعرض بحفاوة في المهرجانات الأوروبية، باعتباره أول فيلم يظهر بعد احتلال العراق وسقوط نظامه، إلا أنه، كما يروي ممثله، لم يعرض في صالات بغداد المدمرة والمغلقة حتى الآن!
أهمية الفيلم الروائي ليست في «حضور» قصة، تسكت عن «المحضور»، إنما «غياب» قصة تسرد مصير السينما قبل الحرب. ولاشك في أن فيلم قاسم عبد التسجيلي «حياة ما بعد السقوط/2008» -أطول فيلم تسجيلي عراقي، تم تصويره على مدى أربع سنوات- يروي بحميمية مأساة العراق ما بعد السقوط وقبله.
ويروي كل من الفيلمين حكاية عائلة، واحدة في الأهوار وأخرى في بغداد، ومن دون شك فإن الفيلم الروائي: إنتاج عراقي/فرنسي، والفيلم التسجيلي: إنتاج مخرج بريطاني-عراقي، يكملان حكاية السينما في العراق، حكاية تسكت، بالضرورة، درامياً، عن المسؤول عن مصيرها المأساوي قبل السقوط، وحكاية تُعري، بالضرورة ملحمياً، المسؤول عن مأساة الوطن قبل السقوط، وترصد، في الوقت نفسه، بشكل يومي، مأساته ومصير مواطنيه، ما بعد السقوط، كل ما تبقى من النظام العراقي، وعجز عن تدميره في السر، استطاع الاحتلال والمنخرطون في دوائره تدميره في العلن.
ليس تمييزاً ضد بقيةِ الأوطان، يكتب يحيى علوان: فرادته الوحيدة في الكون، حتى اليوم، تَتَأتّى من كونه «تحرّر» محتلا!