«طفل العيد»

باسل رفايعة

أطالب مع الآلاف بإعدام مغتصب وقاتل الطفل موسى مختيار، وأزيد مثل كثيرين أنه يستحق أسوأ الشرور، قبل أن يلتف حبل المشنقة حول عنقه، فهو ارتكب فظاعة، تسقط أمامها كل أسباب معارضي عقوبة الإعدام.

لكن لا جدوى من وراء ذلك، فالمعتدون على الأطفال حول العالم لا تردعهم العقوبات المغلظة، ولا أحكام الإعدام، وحتى لو أباحت التشريعات الدولية تعذيب هؤلاء مراراً قبل إعدامهم، فسيظل مغتصب وقاتل يتربص بطفل لا يزيد عمره على أربعة أعوام في مكان ما من العالم، كما حدث مع موسى الذي استدرجه الوحش إلى حمام عام، واغتصبه، ثم قتله، بعدما طلب منه الطفل عيدية الأضحى!

أفضل ما حدث في هذه القصة المريعة أن الوحش لم يفلت بجريمته ليكررها مع موسى آخر، أو مع طفلة أخرى، تغيب عنها رقابة العائلة. شرطة دبي ألقت القبض على القاتل سريعاً، وهو الآن في السجن، وهي بذلك منعته من بشاعة أخرى، ونجحت في دورها ومهمتها تماماً.

إعدام القاتل يحقق هدفاً وحيداً وسريعاً هو الجزاء العادل، لكن انتباهة المجتمع من غفلة طويلة تحقق أكثر مما يفعله حبل المشنقة، وإنقاذ طفل واحد من تشوهات منحرف جنسي طليق في الشوارع أكثر نفعاً من النقاش حول الأسباب النفسية والاجتماعية التي تزيد من أعداد المعتدين على الأطفال.

نحن لا نعرف المعتدين من وجوههم وسحناتهم في الشوارع والمراكز التجارية، والأطفال لا يملكون من الإدراك ما يجعلهم بمنأى عن أساليب المغتصبين والقتلة في استدراجهم إلى الأذى والموت.

لكن علينا أن نعرف أن من أبسط مبادئ حماية أطفالنا ألا ندعهم يغيبون عن أعيننا، مهما كانت الأسباب، وألا ندعهم تحت رعاية الغرباء وميولهم وأمراضهم التي لا نعرفها. يجب ألا يذهب الطفل وحيداً إلى أي مكان، فالخطأ يكمن في لحظة غفلة، والموت يتسبب فيه تساهل، أو استسهال، فما أدراك كيف وُلد جارك أو زميلك في العمل، وكيف كانت طفولته ونشأته، لتترك طفلك أو طفلتك في رعايته، ريثما تنجز عملاً، أو تزور صديقاً أو قريباً؟ ثم إذا وقع المكروه تلوذ غير مصدق بأوهام خاسرة عن ضياع الخير بين الناس، وعن فقدان الأمان في الدنيا، وتقع في لوم، حيث لا يجدي اللوم.

طفلك ليس إلا روحك، وقطعة صغيرة وهشة من قلبك، فلا تدعها لمجهول ومحتمل. وكن على اليقين أنك دائماً في المكان والزمان المناسبين لحمايتها والذود عن جمالها ورقتها وحياتها.

تحدث مع طفلك عن الخطر دائماً، ومن أين يأتي، علّمه أن لك روحاً تمشي معه، وتسكن في آخرين خيّرين يسيرون في الشوارع، وهؤلاء سيسمعونه ويسارعون إلى نجدته إذا صرخ مستغيثاً من معتدٍ مغتصب وقاتل.

قل لأطفالك إن في العالم بشاعة تسكن في أشخاص مشوهين ومرضى يعيشون بيننا. قل لهم إن موسى مختيار لبس ثياب العيد، ومشى خطوات قليلة خارج منزله ليسأل المارة العيدية، فصادفه وحش على هيئة رجل، وأوهمه، مثلاً، بأن هناك ألعاباً في حمام قريب، فركض الطفل إليها لينتهي العيد باغتصاب ودماء وفاجعة أليمة.

 

baselraf@gmail.com

تويتر