«نحب البر والمزيون»

سامي الريامي

في هذه الأوقات الجميلة من السنة، كلنا «نحب البر والمزيون»، فالمسألة ليست حكراً على ميحد حمد، هذا الجو الأكثر من رائع، ننتظره منذ فترة طويلة، فهذا أفضل وقت للاستمتاع في البر.

هذا الانتظار الطويل، لفترة قصيرة لا تتجاوز الأشهر الثلاثة المقبلة، كان ممكناً أن يكون أكثر متعة للمواطنين وللعائلات على وجه الخصوص، لو أن الجهات المعنية أخذت على عاتقها تنظيم العلاقة بين الناس والبر في هذه الفترة، بدلاً من اتباع أسلوب واحد هو المنع والحظر والإزالة.

منع من ممارسة قيادة الدراجات وتأجيرها، من دون إيجاد البديل الآمن المنظم، منع من إقامة المخيمات و«العزب» المؤقتة، ولا بديل مناسباً أو منظماً أيضاً، وكل من يبني أو يقيم «عزبة»، مهما كان شكلها أو مكانها، يجدها بين يوم وليلة مجموعة من الأخشاب تشكل أطلالاً وذكريات لوقت جميل.

هناك ممارسات خاطئة من الناس، لا نختلف على ذلك، وهناك تجاوزات من الشباب تشكل خطورة على مرتادي هذه الأماكن، أمر لا يمكن نفيه، لكن ذلك يحدث لغياب النظام، فكانت الفوضى بديلاً، والمخالفات واضحة وصريحة، وترك هذه الأماكن بوضعها الحالي، وبعقلية نظام الفوضى ليس في مصلحة جميع الأطراف.

دعاني أخ عزيز، أصنفه في الطبقة «المثقفة العاقلة المسؤولة»، إن صح تصنيف الناس لأجل منع الفوضى البرية، إلى زيارة خيمة له نصبها في منطقة صحراوية داخلية، بعيدة عن صخب فوضى الدراجات، والطائشين، يستمتع بالجلوس فيها مع عائلته في مثل هذا الوقت من العام.

لقد تفنن الرجل في إقامة خيمة صحراوية بمواصفات عصرية جميلة جداً، ربما تعجز بلدية دبي عن وضعها، إن احتاجت إلى تنظيم هذه المسألة، بل أكاد أجزم بأنه لو دعا مدير البلدية حسين لوتاه، لرغب في إقامة خيمة شبيهة بالقرب منه، على الرغم من القوانين التي تمنع ذلك.

طوال الوقت وأنا أفكر في سبب يجعل البلدية أو غيرها من الجهات تهدد وتعمل على إزالة مثل هذا المخيم الصغير الجميل، لقد أقيم في منطقة لا يمكن أن تكون في يوم من الأيام مكاناً لطريق أو مشروعاً أو مبنى حكومياً أو خاصاً، تتضمن الخيمة مواصفات أمنية وجمالية، وتتوافر فيها كل شروط الصحة والنظافة، ولا ضرر من أهلها على البيئة أو الموقع، اتخذ الرجل المخيم الصغير مكاناً لاستمتاع عائلته وأولاده ولا أحد غيرهم، فما السبب المقنع الذي يمكن أن تتخذه البلدية للإزالة؟!

ربما يكون هناك سبب واحد، هو عدم فتح الباب لعدد كبير من المواطنين لاتباع الأسلوب ذاته، فتحدث الفوضى، لكن لماذا؟ لماذا لا يستمتع المواطنون بالبر؟ لم لا تعمل البلدية على التنظيم والاستفادة؟ بمعنى تخصيص مناطق صحراوية فسيحة تكون تحت إشرافها، توزعها بمقابل مالي لمن يريد إقامة المخيمات الصغيرة، وفق شروط ومواصفات معتمدة ولفترات قابلة «للتأجير»، و«التمديد» سنة أو أكثر، ولا مانع من تشديد الشروط والمواصفات لسلامة الجميع، ولا مانع من مخالفة وإزالة كل من يخالف بعد ذلك.

المنع وحده والإزالة الفورية ليسا حلاً، ومازال الناس، على الرغم من ذلك يرحلون ويخرجون إلى الصحراء، ولن تستطيع أي جهة منعهم، فليس الجميع من ملاك المزارع، إذن أليس من الأفضل تنظيم المسألة حتى يستمتع الناس؟ وكلها ثلاثة أشهر نعود بعدها إلى الحر و«اللغط» والشمس المشرقة الحارقة، ولن تجد في البر «إنسياً»!

 

reyami@emaratalyoum.com

تويتر