(القريظة)

لم يرتح الكثيرون إلى أن أعلن إداريو برنامج «أوبرا» الشهير أن بعض المعلومات التي ذكرتها الدكتورة لميس حمدان الشامسي في لقائها لم تكن دقيقة، كأن الدكتورة قد كفرت أو ارتكبت كبيرة عندما أخطأت وقالت إن الكهرباء مجانية في دولة الإمارات.. وجل من لا يخطئ، وكم هم سطحيون أولئك الذين لم يحسوا أو يدركوا أن الدكتورة كانت فعلاً تود عكس نظرة طيبة عن الإمارات ودبي إلا أن التوفيق خالفها.. لكن البعض يتستر دائماً بالدين ليهاجم لأسباب أبعد ما تكون عنه.. فإبليس فقط هو من ابتلي بالحسد عندما كان من العابدين!

وفي مشهد آخر غير بعيد، وفي رسالة منه إلى الإعلاميين الشباب يقوم الإعلامي المتميز حمدي قنديل بـ«توجيه الشكر» إلى المكتب الإعلامي لإمارة دبي على تكريمها له على الرغم من الخلاف التنظيمي بين الطرفين، وفي اليوم نفسه يقوم كاتب مواطن بشتم مدير تحرير مواطن؛ أي زميل مهنة، على الصفحات الأجنبية ووصفه بالغبي الأبله، لأنه قال إن اليهود بالغوا في استخدام المحرقة! ويا له من فرق بين صورتين الأولى لغريب يثني على المعروف والثانية لصديق قريظ.. والحجة دائماً جاهزة لقد أساء للإسلام!

ها نحن نكرر أخطاء الثمانينات بحذافيرها.. هاجم مثقفونا المتدينون أحلام مستغانمي، وكادوا يطالبون برجمها.. ثم كتبت ما عجزوا عن كتابته في 50 عاماً للمرأة المسلمة في مقالين «صلي ففي سجود قلبك نسيان» و «اختبري بتقواه أخلاق قلبه»، اختصرت فيهما أزماناً من أقوال الفقهاء.

هاجمنا رائد الليبرالية في المملكة العربية السعودية، كما وصفوه، غازي القصيبي.. ثم كتب له ولهم «ثورة في السيرة النبوية»، وإني لأتفاءل بحال دولة يكون رأس الليبرالية فيها ضليعاً بمتون الحديث.

هاجمنا سعاد الصباح، المتحررة التي أزعجت القبيلة.. فظهرت بحجابها ونور الإيمان في محياها لتعطي نموذجاً غاية في الروعة عن الأم والأديبة والأميرة المسلمة.

هاجمنا نزار وغرامياته الفاسدة.. فذكر قبل أن نرى في وجهه الآخر شاعراً متيماً بالقدس، وخلّدها كما لم يفعل شاعر ولا نطق فم.

لماذا نسابق بالانتقاد، ولا نعطي من أخطأ، خصوصاً من المثقفين، فرصة إما ليوضح وجهة نظره وإما ليأخذ فرصة ثانية لعلنا نكسبه إلى صفنا؟ لماذا نريد أن نخلق ردة فعل عنيفة ضد كل ما هو جميل لدى د. لميس وغيرها فنكسب بذلك أعداء آخرين سيصفوننا بالمغفلين والساذجين والرجعيين، بدل أن نشد على يدي د. لميس ونقول إنها لم تكن دقيقة، وإنها كانت ستكون أجمل وأكثر احتراماً في نظرنا وفي نظر النساء الأميركيات لو أنها حافظت على الزي الوطني المسلم وظهرت به أمام أوبرا؟

جميعنا صفق في العام الماضي للذين دافعوا عن الإسلام أمام أوبرا بغض النظر عما كن يرتدينه، لكن مشكلة الدكتورة لميس أنها ليست ملكة!

 

shwaikh@eim.ae

الأكثر مشاركة