«الرياييل» أصبحوا رجاجيل
يُروى، في فترة الستينات، أنه جاء إلى الإمارات أحد شعراء منطقة الشرق الأوسط، وأصرّ على الدخول على أحد رموز الإمارات ليحييه بإلقاء قصيدة عليه، ولم يكن ذلك الشخص الإماراتي من محبي سماع مدائح الشعراء، لأنه يعرف نفسه جيداً وليس بحاجة إلى شهادتهم، ولكنه سمح له بالدخول مراعاةً للمسافة الطويلة التي قطعها الشاعر، وبمجرد أن انتهى من عدّ قصيدته، أخرج الرمز الإماراتي من جيبه 50 روبية هندية، وقال له «اندوك أبوي، هاي 50 روبية وروح اتمدح غيري في ديرتك أحسن».
في إحدى المسابقات الشعرية النبطية الحديثة الذائعة الصيت في الإمارات، وأثناء وجود أحد الشخصيات المهمة في الإمارات، للاستماع لمختلف الشعراء المشاركين في المسابقة من مختلف الدول العربية، قام أحد شعراء منطقة الشرق الأوسط وأمام العلن، وطلب من الشخصية الإماراتية أن يتكفل بمصاريف زواجه! ووافق ذلك الإماراتي الكريم على طلب الشاعر «الطلاّب» أمام العموم، فالشعراء «الطلاليب» من شيمهم إحراج الشخص كي يُخرج ما في جيبه! وشاعر آخر أيضاً من منطقة الشرق الأوسط، يقيم في الإمارات بمرتب وقدره فقط 1200 درهم، فجأة أصبحت لديه سيارة نيسان «باترول»، لأنه يستهل في كل قصيدة يعدّها أمام الشخصيات المهمة بـ«طلبة»! وهذا أمر ليس بالغريب على الشعراء «الطلاليب»، أما الشاعر الإماراتي الأصيل فمن المعيب عليه أن يستهل أشعاره بالطلبات، ومن المؤسف قيام شبابنا الشعراء في الإمارات بتقليد لهجات الآخرين عند إلقاء الشعر!
فمنذ متى «الرياييل» في اللهجة الإماراتية أصبحوا «رجاجيل»؟! وأرجو من القائمين على هذه المسابقة الشعرية المحلية الذائعة الصيت أن يلزموا الشعراء «الطلاليب» القادمين من الخارج بأن يكفوا عن «الطلبة» أمام الشخصيات الإماراتية المهمة، وقولوا لهم: عيب!
للأسف، ما يقوم به شعراؤنا الشباب اليوم من إهانة للهجتهم الإماراتية الجميلة عند إلقاء الشعر بلهجة غريبة، إنما يُعد تطاولاً على أصالة الشعر الإماراتي، ويدل أيضاً على مدى جهل هؤلاء «الشويعريين» وأشباه الشعراء، عن عظماء الشعر الإماراتي، كالماجدي بن ظاهر وسالم الجمري ومحمد بن سوقات وراشد الخضر وحمد بوشهاب وغيرهم وغيرهم الكثير من رواد الشعر الإماراتي، على رأسهم الشاعر الإماراتي العظيم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي من نماذجه أبدع وقال:
ألا يـا مرحـبا حــي بنفـيحة نسيم الشرق لي يابا بالجوابي
هلا لي عرف قاصي النصيحة كريم الأصـل وأجـداد نجـابي
تمثل لي ابتماثيـل صحـيحة وكل ما قــال لي فــيها صوابي
وأخيراً، أوّد أن أشكر سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان على إخراسه أصوات الشامتين بإمارة دبي، وأهديه هذا البيت من إبداع الشاعر الإماراتي الكبير د.مانع سعيد العتيبة:
بوظبي يا دار لكرامي لي بك الحلوين لافيني