أقول لكم
من يملك السلطة الأقوى والأكثر فاعلية في المؤسسات الحكومية؟ بلا شك ليس هو الوزير أو الرئيس، فالمعروف أن هذين المنصبين يخضعان للجوانب السياسية أكثر من الجوانب العملية المباشرة، فالوزير هو المسؤول الأول، ولكنه يكون مشغولاً بالرسميات والاجتماعات ووضع السياسات العامة والخطط وغيرها من المهام البعيدة كل البعد عن التفاصيل، أما وكيل الوزارة أو المدير العام، كما أصبح يطلق على هذا المنصب أخيراً، فهذا شيء آخر، هو العمود الفقري للمؤسسة، سواء كانت وزارة أو دائرة أو هيئة، وهو المفتاح لكل شيء، كلمته هي النافذة، وتوقيعه له مفعول السحر، وعادة ما يكون هذا الشخص قد تدرج في أقسام وإدارات المؤسسة، وجمع بين يديه من الخبرات والعلاقات ما استحق عليه أن يصبح الرقم الصعب والأول، إضافة إلى اطلاعه على كل الأسرار والأمور الظاهرة والمخفية، وهو الذي يترأس اللجان، ابتداءً من لجنة الموارد البشرية المسؤولة عن التعيينات والترقيات، وانتهاءً بلجنة المشتريات، فهو الذي يمنح، وهو الذي يمنع، ولهذا يصبح محل اهتمام الجميع، من يعمل تحت سلطته، ومن يتعامل من الجهات التي تقع ضمن سلطته، وهو في كثير من الأحيان ثابت في مكانه، غير معرّض للاستبدال في أي تغيير طارئ، ولهذا رأينا وكلاء ومديرين عامين يمر عليهم وزراء ورؤساء ويختفون، وهم باقون في أماكنهم، كما رأينا عبر السنين وكلاء ومديرين لهم صيت أكبر من صيت من يرأسونهم، حتى الوكلاء المساعدون كانوا يتميزون بالقوة والنفوذ، إلى درجة أنهم عندما يتكاتفون يمكن أن يسقطوا مَنْ فوقهم، ومع كل هذه القوة وذلك الصيت، أقول لكم، يكاد ذلك المثل القديم ينطبق على هؤلاء، وهو المثل القائل «الصيت ولا الغنى»، فقد لفت نظري جدول الرواتب بعد التعديل، الذي أعلن قبل يومين، فالوكيل لا يزيد راتبه على 53 ألف درهم، أما الوكيل المساعد فإن كل ما يحصل عليه هو راتب خريج الجامعة الجديد في بعض الكوادر المحلية والخاصة، ومع ذلك كان «الصيت» عاملاً مهماً في حياة الأقوياء المؤثرين!