دبي والخيار الصعب

إذا كانت دبي قد أعلنت عن إعادة هيكلة اقتصادها أو شركاتها ووعدت بأنها سوف تفي بالتزاماتها المالية الخارجية، فإنها تؤكد في هذا التوجّه فلسفة العمل فيها القائمة على أساس مبادئ الشفافية والمصداقية، ولعل تلك الفلسفة هي من أهم عوامل قصة نجاحها، فقد اعتمدت دبي هذه الفلسفة، ومنذ ميلاد ثورة التطور التي شهدتها خلال عقود طويلة، ومنذ عهد مؤسّسها المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حينما اقترض من مصارف وحكومات من أجل تمويل مشروعات التنمية في دبي.

ولأن الشفافية والمصداقية كانتا عنواناً لفلسفة حكومة دبي، فإن المشروعات العملاقة التي شهدتها دبي وسابقت بها العالم، وأهمها الموانئ والمطارات والجسور والأنفاق وشبكة الاتصالات والمواصلات وبناء المؤسسات والحوض الجاف والعديد غيرها، قد موّلتها بقروض من الخارج، وتمكنت وخلال فترة الاتفاق من تسديد التزاماتها المالية كافة، الأمر الذي عزّز حضورها دولياً وتم تصنيفها من قبل مؤسسات التصنيف العالمي من الفئات العليا عالمياً، لتبني دبي خلال فلسفتها تلك، شبكة كبيرة وقوية من العلاقات الاقتصادية والمالية والتجارية مع مختلف دول العالم.

لم يكن أمام حكومة دبي سوى الاقتراض من الخارج لتمويل مشروعاتها الريادية حتى تستطيع تجاوز تحديات طبيعية داخلية كونها إمارة غير غنية بالنفط، لكن حكومتها مؤمنة بأهمية التحدي، لتصبح، وفي ظل المشروعات التنموية، عاصمة الشرق الأوسط التجارية والمالية، وتمكنت أن تسحب البساط من مدن أكثر عراقة وقدرة منها، ومكّنتها فلسفة العمل بها لأن تصبح إحدى أهم الحواضر الاقتصادية والتجارية في العالم، ولا تكاد تخلو نشرات الأخبار التلفزيونية والإذاعية وكذلك الصحف والمجلات في العالم من أخبار هذه الإمارة، وحقيقة الانجازات التي تحققت على أرض الواقع لتصبح الإمارة مالكة لسادس أكبر مطار في العالم، وسادس أكبر ميناء في العالم، وأكبر الموانئ في الشرق الأوسط، ولتصبح نوافذها مشرعة على أسواق العالم واقتصادياته، ويصبح دخلها من تجارة الترانزيت يوازي دخل دول من صادراتها من المواد الأولية، ولتحظى تجربتها الناجحة باهتمام كبير لم يكن وليد صدفة، ولم يكن مرجعه ثروة (ريعية)، وإنما هو وليد فكر وإرادة تقبل التحدي وتؤمن بفلسفته!

وعلى الرغم من كل ما يشاع عن أزمة دبي في إعلامنا العربي (المشوّه)، إلا أن الشركات الكبرى تبدي حرصاً كبيراً للوجود في دبي، فضلاً عن وجود مصارف دولية تبدي استعداداً لتقديم قروض لدبي وشركاتها، كما حدث مع شركة «طيران الإمارات» التي حصلت على تمويل من مصرف عالمي لشراء طائرات جديدة لها أخيراً.

 

alshamsi.n@hotmail.com

الأكثر مشاركة