«رمستنا» في خطر

سالم حميد

على الرغم من أن رقصة «اليولة» المحلية، في الأصل رقصة مطورّة عن الرقصة القديمة، التي كانت في الماضي تستخدم البنادق الأصلية لأدائها، إلا أن شبابنا وصغارنا استطاعوا التفنن في هذ الرقصة، واستحدثوا حركات جديدة جميلة وبارعة عبر استخدام البنادق الخشبية الخفيفة، وعندما نجحت هذه الرقصة محلياً وأصبحت مشهورة في المنطقة، بسبب جوائزها الكبيرة والتسليط الإعلامي عليها، تشجع الشباب الخليجي للمشاركة في هذه الرقصة الإماراتية، ولفوا رؤوسهم بالعصابة أو «العصامة» الحمدانية الإماراتية، ودخلوا الميدان وأدوها حسب شروطها المحلية، ونالوا استحسان الجمهور، لأنهم أدوها وفقاً للطريقة الإماراتية، ولم يأتوا بأي شيء جديد أو غريب على الرقصة.

انطلقت، أخيراً، فعاليات مسابقة شعرية نبطية إماراتية كبيرة وذائعة الصيت ذات جوائز عالية القيمة، ويشترك فيها الشعراء وأشباه الشعراء من كل حدب وصوب، ولكن كل شاعر من المشاركين في المسابقة يقوم بإلقاء قصيدته بلهجة بلاده باستثناء بعض شعراء الإمارات أو أغلبهم إن صح التعبير، الذين يفضلون إلقاء الشعر بلهجة غريبة عن لهجة بلادهم الإمارات! وكأنهم يشعرون بالخجل من إلقاء الشعر باللهجة الإماراتية! إن كان هذا صحيحاً فعلى الشاعر إذن في هذه الحالة ألا ينسب نفسه وقصيدته إلى الإمارات وشعبها، لأن ما قام بإلقائه من لهجة غريبة علينا لا يمت بصلة إلى ثقافتنا وتراثنا، وإذا كان السبب يعود إلى أعضاء لجنة التحكيم القادمين من دول مختلفة وربما لا يفهمون الشعر النبطي الإماراتي أو لهجتها، فسيكون عذر الشاعر في هذه الحالة أقبح من ذنب! فالمسابقة من الأساس إماراتية وجوائزها من الإمارات! أما من تأثر بشعر وشعراء دول المنطقة، ثم قرر نزع عباءة الشعر الإماراتية ولبس عباءة الآخرين، فأنصحه بالعودة إلى روائع الشعر الإماراتي وشعرائه المخضرمين، وليقارن ما بين من تأثر بهم من الخارج وبين الشعر الإماراتي، فلربما يكتشف أن الشعر الإماراتي لا يقل كفاءة وبراعة وجمالاً عن أشعار الآخرين.

يقول المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «على الجيل الجديد أن يقدر الدور الذي لعبه جيل الآباء، وأن يتخذ منهم القدوة والمثل الأعلى»، ولكن وللأسف شبابنا الشعراء اليوم غير راغبين في اتخاذ آبائهم الشعراء الإماراتيين قدوة لهم، ويقتدون بشعراء الدول الأخرى! ويقول أبونا زايد أيضاً «لقد ترك لنا الأسلاف من أجدادنا الكثير من التراث الشعبي الذي يحق لنا أن نفتخر به ونحافظ عليه ونطوره، ليبقى رمزاً لهذا الوطن والأجيال المقبلة»، ولكن بعض شبابنا الشعراء غير راغب في شعر الأسلاف!

يعتبر إعلامنا المحلي أحد أكبر المتسببين في تشويه وإهانة اللهجة الإماراتية، فسابقاً كانت البرامج الشعرية التلفزيونية والإذاعية والصحافية، يشرف عليها شعراء إماراتيون مخضرمون يعرفون جيداً معنى الشعر الإماراتي، أما برامج اليوم فيقوم بالإشراف عليها مجموعة من الشباب الذين أشك في معرفتهم بأبسط أغراض الشعر النبطي!

تويتر