من المجالس

مضى عام على محرقة غزة، بقيت خلاله جذوة عذابات أهل غزة مستعرة بين جروح لاتندمل، وآلام لاتهدأ، وأمراض تزداد استشراء، ومبيت في العراء والبرد، وطفولة محرومة من التعليم ومن أبسط أسباب الحياة الكريمة، وشيبة تحمل فوق ذكرياتها الأليمة من فصول النكبة والنكسة جبالاً من آلام ظاهرة ودفينة، وهي التي يفترض أن تكون في سن التقاعد وراحة البال من كل هم وضيق.

جذوة العذاب في غزة تزداد سعيراً، بينما جذوة الغضب من أجل غزة تخبو، ومشاعر التضامن مع أهل غزة تتبخر لتنضم إلى سابقاتها من «فزعات» أدارت زمامها الفضائيات ووجهها الخطاب الإعلامي المتلون بمتطلبات المراحل وأمزجة الجماهير. لم يتغير شيء على غزة، ولم يتحرك الوضع فيها إلا نحو الوراء في ظل أوضاع عربية متفوقة في فن بلع الآلام، وكبت الآهات، والصبر على الإساءات، والتعود على صور العذاب ومشاهد الألم.

الجامعة العربية.. لاتعليق. النظام العربي مشغول بالإعادة المتواصلة لهيكلة النظام. الدول العربية، إلا ما رحم ربي، «اللي فيني مكفيني». أما منظمات ومؤسسات وجمعيات المجتمع المدني فقليلها يتنفس فوق الماء، أما الغالبية الساحقة فإنها تتنفس بشخير تستعصي على صاحبه الإفاقة لسماع أنّات المرضى، وصياح الأطفال، وتأوهات الأمهات، ونمنمات الحيارى، وزفرات الآباء العاجزين عن دفع رسوم المدارس أو توفير قيمة علبة دواء.

سمعنا صوت منظمة «هيومن رايتس ووتش» التي تتخذ من أميركا مقراً لها وهي تعيد المطالبة بعقاب المسؤولين الصهاينة الذين انتهكوا حقوق الإنسان في غزة، ولم نسمع ولو صدى صوت هاتف من مجتمعنا المدني العربي يضغط باتجاه فك الحصار غزة، ومنح الناس هناك حق الحياة كسائر شعوب الأرض. ومثلما مرّت الذكرى الأولى لمحرقة غزة، ستمر ذكراها في تالي الزمن لتنضم إلى مذبحة بحر البقر ودير ياسين وصبرا وشاتيلا، فتكون مجرد صور من الماضي لا أثر لها في تحفيز الحاضر.

adel.m.alrashed@gmail.com

الأكثر مشاركة