لا يوجد «سوء فهم»..
لا يوجد سوء فهم بين الإمارات وإيران، بل لا يوجد سوء فهم بين الإمارات وأية دولة أخرى في العالم، لأن الإمارات تنتهج سياسة واضحة المعالم والأهداف، ولا توجد لها أجندات خفية، ولا تعرف الخوض في دهاليز السياسة المعتمة، بل هي دولة واضحة، وتعمل دائماً في وضح النهار.
لا يوجد سوء فهم بين الإمارات وإيران، لأن هذه التسمية التي تصرّ إيران عبر جميع مسؤوليها على ترديدها، هي عبارة عارية عن الصحة تماماً، فسوء الفهم عادة ما ينتج من عدم تفهم كلمة أو جملة في حوارٍ بين اثنين أو أكثر، لكنه لا يمكن أن ينتج من جراء سلوك واضح قام من خلاله طرف بالسيطرة على أراضي الطرف الآخر بالقوة العسكرية، هذا السلوك يعرف في جميع لغات العالم بأنه «احتلال»، وأعتقد أن هناك فرقاً كبيراً في المعنى والفعل بين «سوء الفهم» و«الاحتلال»!
علاقاتنا مع إيران تاريخية، ولكن هذا لا يعني عدم وجود خلاف على احتلالها للجزر الثلاث الذي تسميه إيران «سوء فهم».. هذا ما قاله سمو الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية خلال مؤتمر صحافي عقده الأسبوع الماضي في البحرين، وهذه الكلمات البسيطة تترجم موقف وسياسة دولة الإمارات الرامية دائماً وأبداً إلى حلّ الخلاف مع الجارة الكبيرة بالطرق الدبلوماسية والحوارية والسلمية.. لقد أثبتت الإمارات حسن نيّاتها، ووطدت علاقاتها كثيراً مع إيران، وتم في الآونة الأخيرة إبرام العديد من الاتفاقيات الثنائية في مجالات عديدة مختلفة، لكن هذا لا يعني أبداً أن الإمارات سترضى يوماً باستمرار احتلال إيران لجزرها الثلاث، وسيأتي اليوم الذي يدرك فيه الإيرانيون أن مكتسباتهم من التعاون الثنائي مع الإمارات أهم بكثير من التفريط في ذلك، نظير الاستمرار في احتلال الجزر الثلاث.
مصطلح «سوء الفهم»، لا يستند إلى أي أساس عملي أو حتى لغوي، ولا يمكن أن يقنع الإيرانيون العالم بهاتين الكلمتين اللتين لا تربطهما أية صلة بما حدث في الجزر من ممارسات عسكرية، وتغييرات جوهرية، وسيطرة باستخدام القوة.. «سوء الفهم» هو الذي يمكن أن نطلقه على تلك المزاعم التي تروّجها المواقع الإلكترونية الإيرانية، والتي حوّرت من خلالها إعلان وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان المنصوري، الذي قال إن «الوزارة اقترحت مشروع خطة استراتيجية اتحادية تتضمن توفير مخزون استراتيجي يكفي لتغطية احتياجات الإمارات من 15 سلعة غذائية رئيسة لمدة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر»، فأخذت تلك المواقع نشر التأويلات والتلميحات الخاطئة، أن «وراء ذلك ما هو أبعد من الأمن الغذائي»، وهو ما ينم عن سوء فهم، بتعمد لا يمكن اعتباره حسن نيّة!
ولأننا نعرف تماماً سياسة دولتنا، ونعرف تماماً أن الخطط الاستراتيجية والتفكير في توفير الحاجيات الرئيسة للمواطن والمقيم، هي جزء أساسي من تفكير جميع وزراء الحكومة الاتحادية ومسؤولي الحكومات المحلية، خصوصاً في ظل محيط جغرافي كبير جداً من دول شرق أوسطية وإفريقية وعالم ثالث تعاني معظم دوله من غياب معنى التخطيط الاستراتيجي، فإننا متأكدون من وجود سوء فهم إيراني، متعمداً كان أو غير متعمد، في طريقة التفكير الاستراتيجي بعيد الأمد، والذي يضمن مصلحة الشعوب المجاورة، واستقرار المنطقة.