أقول لكم

قرأت قبل سنوات مقولة لأحد مشاهير الإعلام، لا أذكر اسمه، ولكنني لا يمكن أن أنسى ما قاله، وفي كل عام أتابع تقارير المنظمات الدولية حول الشفافية والنزاهة في دول العالم، وأتأكد أن ذلك الرجل لم يتحدث من فراغ، فهو كان يعبر عن الواقع ويقيس الأمور بحسب المنطق الذي خبره طوال حياته، وجعل منه رمزاً من رموز حرية الصحافة، فهو يقول «إذا رأيت الفساد مستشرياً في بلد ما فابحث عن صحافتها فستجدها مكبلة».

وقد استرسل الباحثون والدارسون في شرح العلاقة ما بين حرية الصحافة والفساد، وهي علاقة وثيقة ومترابطة، لها مؤشر ارتفاع ونزول، متى ما ارتفع معدل الفساد كانت الصحافة في البلد الفاسد مقيدة بقوانين وإجراءات وتعليمات جائرة، وفي الغالب هذا يحدث في الدول الدكتاتورية المحكومة بالنار والحديد والانقلابات، وهي دول لا تعرف سوى صحافة الوجه الواحد والاسم الواحد والإنجازات الوهمية والدعائية، أما الدول التي تمنح الصحافة صفتها الفعلية وليست الصورية، وهي الصفة الرقابية التي تكفلها كل دساتير العالم، ولا تقيدها أية إجراءات قسرية تحد من تحركها، ولا تخضع لنفوذ أهل السلطة أو المال، ففي تلك الدول نجد مؤشر الفساد ينخفض ويكاد يختفي، ويمكن لأي واحد منا أن يبحث في ترتيب الدول من حيث الفساد، وسيجد في المقابل ترتيبها من حيث احترامها لحرية الصحافة، وبحجم النقاط الناقصة نفسه في الترتيب الثاني سيجد نقاطاً تصل إلى القمة في تصنيف وترتيب الفساد، فمن يسرق أو يطلب رشوة أو يجاهر برذيلة أو يستخدم سلطة في غير محلها أو يجعل من نفوذه ملاذاً لمنحرف، كل هؤلاء يجدون بيئة مناسبة عندما تكون الصحافة مكممة الأفواه، والعكس صحيح بلا أدنى شك، وذلك الخبير الذي علم أهل الإعلام قيمة تحري الدقة وقول الحقيقة وكشف الفساد لم يكن يتحدث من فراغ، فالشفافية هي حامية المجتمع وحاضنة النزاهة والأمانة.

myousef_1@yahoo.com

 

الأكثر مشاركة