من المجالس

أواصل الحديث عن كوريا الجنوبية الفائزة بسباق البرنامج النووي السلمي الإماراتي، وذلك ليس من باب الغزل والإعجاب وحسب، وإنما من باب الأسى وندب الحظ على واقع عربي فيه دول سبقت كوريا في كل شيء.. في التاريخ والحضارة والموارد الطبيعية والبشرية، إلا في التقدم وتوظيف كل تلك العوامل. فكان الفرق أن تحرك الكوريون وغيرهم من دول شرق آسيا ببوصلة واضحة الاتجاهات بينما واصل العرب سيرهم في مكانهم بلا بوصلة ولا حتى «اسطرلاب»، لأن من اخترع كل تلك الأشياء في سالف الأزمان لا يحتاج أن يستعين بها في آخر الزمان. نترك الهم الى الفرح لنعرف أن كوريا الجنوبية كانت قبل 40 سنة من الدول الفقيرة والمحطمة، وخلال أربعة عقود صنع الكوريون ما أطلق عليه «المعجزة الشرق آسيوية» ليقفزوا ببلادهم إلى المرتبة الـ12 كأكبر اقتصاد وشريك تجاري على مستوى العالم. وخلال ذلك استمرت كوريا الجنوبية في التقدم على درج الأوئل بين دول العالم، بعد أن تم التركيز على سياسة التعليم المكثف، ليصبح معدل الكوريين الملتحقين بالجامعات واحداً من أعلى المعدلات العالمية. الأولى عالمياً في صناعة أجهزة التلفزيون، الأولى في انتاج شاشات العرض الكريستالية، الأولى عالمياً في مجال صناعة السفن، الثالثة عالمياً في صناعة أشباه الموصَلات، والرابعة عالمياً في حصيلة الاحتياطي من النقد الأجنبي. وفي عام 2007 احتلت كوريا الجنوبية المرتبة السادسة في مجال التنافسية التقنية، والمرتبة السابعة في مجال التنافسية العلمية من 55 دولة. ففي أقل من 23 سنة رفعت كوريا الجنوبية من حصة استثماراتها في مجال البحث والتطوير 66 مرة، لتصل الى أكثر من 28 مليار دولار عام 2006 بعد أن كانت 420 مليون دولار عام ،1981 وليزيد عدد الباحثين فيها من 18500 باحث في الثمانينات من القرن الماضي إلى نحو 257 ألف باحث عام ،2006 ولتحتل سيؤول المرتبة الـ13 عالمياً في هذا المجال. غيض من فيض، جعلني وأنا أتصفح موسوعة «ويكيبيديا» وأجول في «المعجزة الكورية» وجاراتها الصفر، أشعر بفرح لهذه النماذج التي تغلبت على كل الظروف مع كثير من الأسى لحال عربي طالما علق كل أسباب عجزه وتراجعه على شماعة الظروف.

adel.m.alrashed@gmail.com

الأكثر مشاركة