من المجالس
التعدي على المال العام .. عنوان كبير يبدأ من السرقة البيّنة، والاختلاس المستتر، ويمر بالرشوة، واستغلال المنصب، والتلاعب، والتبذير، وإساءة الاستخدام، إلى أن يصل إلى سرقة الوقت والتسرب الوظيفي. وكل المجتمعات البشرية مبتلاة بحرامية من نوع ما، يعملون على وضع أيديهم على ما لا حق لهم فيه.. المجتمعات المتقدمة كما المجتمعات والدول المتخلفة، مع الفرق في وجود آلية مقاومة في المجتمعات المتقدمة وغيابها في المتخلفة. مقاومة في القوانين والتشريعات، ومقاومة من خلال الشفافية وفضح الفاسدين، ومقاومة في بنية تنظيمية يدعمها رأي عام واعٍ وقوي وصاحب تأثير.
الأزمة المالية التي أصابت العالم كان وراءها معتدون كبار على المال العام، والأزمات المتفرقة في دول العالم سببها نفس الشريحة من البشر. ولكن الفرق أن حرامية الدول المتقدمة يقعون في قبضة القانون، ومشكلاتهم تتحول إلى مادة نقاش عام، دون أن تقف خلف الكواليس وتتداولها النخبة أو تكون نهباً للشائعات وحياكة القصص بحق أو باطل، وتختلط فيها أسماء ملوثة مع أخرى نقية وشريفة. التشريع والشفافية هما أهم أسلحة مقاومة الفساد وردع المعتدين على المال العام. وبحجم الجريمة يكون القانون، وعلى أي مستوى كانت القضية لابد من الشفافية. ولأن في القصاص حياة فإن إيجاد المزيد من التشريعات والقوانين يعني إغلاق المزيد من الثغرات. وذلك من شأنه إثارة المزيد من القلق والخوف في النفوس الأمّارة بالسوء، وإضافة المزيد من الطمأنينة والثقة بين شرائح المجتمع الأخرى. لذلك يأتي قانون حماية المال العام واسترداد الأموال العامة المتحصلة بطريقة غير مشروعة، ومجموعة التشريعات الأخرى التي أصدرها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ليصب في خانة التصدي لحالات التعدي على المال العام تحت غطاء المنصب أو تصيّد الفرص. وهذا التقدم في الاتجاه التشريعي يشجع على المزيد من التقدم باتجاه الشفافية وطرح الحقائق وتوصيل المعلومة، لتكتمل الحلقة وتقوّى عناصر التصدي للمفسدين.
adel.m.alrashed@gmail.com