الأزمات الاقتصادية العالمية و«دول التعاون»
وضحّنا سابقاً صور الأزمات الاقتصادية العالمية، وطبيعتها، وحددنا درجة ارتباط الاقتصاد الخليجي بالاقتصادات العالمية، لاسيما اقتصادات الدول الصناعية، في محاولة لكشف درجة الارتباط وحّدته في المنظور القريب، في ظل معطيات الألفية الثالثة، التي ستزيد من حّدة الخلافات والصراعات الاقتصادية، بين الاقتصادية التقليدية، والتكتلات الاستراتيجية، لاسيما بين مجموعة الدول الأوروبية من ناحية، والولايات المتحدة من ناحية أخرى، ثم دخول التنين الصيني بثقله الاقتصادي، وروسيا بثقلها الاستراتيجي، لاسيما الغاز، واليابان بتقنيتها العالية، والهند التي تسجل نمواً اقتصادياً غير مسبوق.
الأمر الذي يجعلنا نؤكد على أن اقتصادات دول المجلس ستكون طرفاً ضعيفاً في ساحة الصراع الاقتصادي العالمي، في ظل التحالفات الاستراتيجية في الشرق الأقصى وأوروبا، ولن يكون بمقدور هذه الاقتصادات أن تعزل نفسها عن تأثيرات الصراع المحتدم بين التكتلات العالمية، بل ستكون الحلقة الأضعف، إذا لم تعمل دول مجلس التعاون على اتخاذ قرارات استراتيجية وتاريخية، تحقق وحدتها الاقتصادية، وتعزز وجودها الاستراتيجي في حلبة هذا الصراع الذي سيترك آثاراً، ويخلق أزمات شديدة الأثر.
إن دول مجلس التعاون ستشهد في ظل وضعيتها الحالية، انقلاباً كبيراً في ظل مفاهيم العولمة الاقتصادية العالمية، وفي ظل اقتحام العولمة الاقتصادية، المجتمعات الاقتصادية في دول المجلس، التي برزت أعراضها بشكل واضح من خلال العمالة الأجنبية الكثيفة في سوق العمل الخليجية، التي أدت إلى إبعاد العمالة الوطنية، ثم العربية من هذه السوق، وباتت تتحكم في مفاتيح السلطة فيها.
ثم الشركات العالمية التي أصبحت تتصارع على هذه المنطقة، مذكرة إيانا بفترة الصراع بين الشركات الأميركية والإنجليزية على منابع النفط في فترة الاكتشافات النفطية الأولية في دول الخليج، خلال عقدي الستينات والسبعينات.
وبالتالي، فإن حدوث أية أزمات اقتصاديات عالمية، كما هو حال الأزمة المالية في عام ،2008 سيكون ذات آثار وخيمة على دول المجلس ذات الإمكانات والقدرات الضعيفة، ومحدودية قدرتها على امتصاص آثار الأزمات العالمية.