‏5 دقائق‏

‏ هذه صفتهم‏

‏لايزال الواقع يفسر القرآن الكريم، يوماً بعد يوم، وقد كان سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه يقول في تأويل قوله تعالى:{وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون} أنه «لم يجئ هؤلاء بعد»، أي أن الأيام المقبلة تسفر عن هؤلاء في سلوكهم فتعرفونهم بإفسادهم في الأرض باسم الإصلاح، هؤلاء هم بنو إسرائيل، الذين أخبرنا الله تعالى عن إفسادهم في الأرض في غير ما آية، الذين طبعوا على الغدر والخيانة والكيد والمكر واستحلال المحرمات، وسفك الدماء، وابتزاز الشعوب، ونهب الثروات، وتدنيس المقدسات وإهدار القيم.. وغير ذلك مما لا يكون من غيرهم، ما جعلهم محل غضب الله ومقته ولعنته، وضرب بهم أسوأ الأمثال، ليُحترَز من مكرهم وكيدهم، وقد حدثنا التاريخ بماضيهم الأسود مع كل البشر، فكم خربوا من دول؟! وكم قتلوا من أبرياء أنبياء صلحاء وأولياء؟! وكم عاثوا في الأرض فساداً؟! ينكره العقلاء والأغبياء على حد سواء، ولاتزال الأيام والليالي حبالى من سوء صنيعهم ومكرهم مع كل من لم يكن منهم.

لا جرم فهم الذين يزعمون أنهم الشعب المختار، الذي يستحق الحياة الأبدية، أما غيرهم فلا يستحقها، بل هم الذين يزعمون أن الله ما خلق غيرهم إلا ليركبوا ظهورهم، ويمتصوا دماءهم، ويحرقوا أخضرهم، ويلوثوا طاهرهم، ويهدموا عامرهم، كما هو منصوص أسفارهم المفتراة، التي تأمرهم بأن يقتلوا كل من في أريحا من رجل وامرأة وطفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف، وينطلقون في كل تصرفاتهم من هذه المفتريات التي طبعت في قلوبهم الضغائن، حتى غدوا أشد الناس عداوة للذين آمنوا، فلا يخلو يهودي بمسلم إلا حدث نفسه بقتله، أو هم بقتله، لا يمنعه من ذلك إلا عجزه، حتى قال أحد مفسديهم: نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ومفسديه، ومحركي الفتن وجلاديه! هكذا يقول بملء شدقيه، لايزعه ضمير ولا عقل مستنير.

هؤلاء هم يهود الأمس واليوم والغد، الذين لا تتبدل صفاتهم ولا تتغير أحوالهم، مع أن الشأن في الإنسانية أنها تتغير وتتأثر، إلا هذا الصنف منها، وكأنهم ليسوا من الإنس، فلا تؤثر فيهم مدنية، ولا حضارة إنسانية، ولا تقدم صناعي، أو تطور تقني؛ لما جبلوا عليه من سوء الطوية، وكامل العنصرية، وهذه الأيام تحدثنا عنهم كما حدثنا عنهم القرآن الكريم بمثل قوله: {لَتَجِدَن أَشَد الناسِ عَدَاوَةً لِلذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالذِينَ أَشْرَكُوا}، وقوله:{لُعِنَ الذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}، إلى غير ذلك من الآيات المحكمات التي حذرتنا من الركون إليهم أو مودتهم، فهاهم اليوم يستبيحون الحمى في كل أرض تطأها أقدامهم، فينتحلون الشخصيات بلا وازع من ضمير أو خلق، ويستبيحون المقدسات بلا وازع من قوة أو سياسة، فماذا نتوقع منهم وهم يعيثون في الأرض فساداً، وفي العباد خبالاً؟ هذه عقود من الزمن من يوم أن شنفت أسماعنا أنباء صفقات السلام، وعيش الوئام، فما حصل شيء من ذلك، ولا سمعنا إلا أسوأ المهالك، وكم في صحائفهم السوداء مما هنالك، سيعلمها الجميع ممن اغتر بهذه الزمرة الباغية، والعصبة الحاقدة، وإلى الله ترجع الأمور، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

❊ كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي

 

تويتر