‏‏

‏من المجالس‏

‏لم تدخر شرطة دبي الوقت لتؤكد عزمها على مكافحة ظاهرة العنف لدى المراهقين والشباب اليافعين، فبدأت حملة أمنية مكثفة في مختلف مناطق إمارة دبي، لضبط الأحداث الذين يحملون أسلحة وأدوات تُستخدم في أعمال العنف والمشاجرات. ونتوقع أن تحذو الأجهزة الأمنية في سائر إمارات ومدن الدولة حذو شرطة دبي بتنظيم حملات مماثلة، وستثمر هذه الحملات وتفرض هيبة النظام في الأحياء والمناطق، ولكن هل ستكون قادرة وحدها على كبح النفوس اليافعة التوّاقة إلى العنف، وإعادة تدوير الطاقات المندفعة من الشر إلى الخير؟

الأجهزة الأمنية تقوم بواجبها، وعلى الأجهزة الأخرى المعنية بالسلام الاجتماعي أن تتحلى بالمسؤولية وتؤدي دورها، والأدوار لا تتحقق عبر الاكتفاء بإعلان الاستراتيجيات وطرح الأفكار وتنظيم المؤتمرات وإصدار النشرات، الأدوار بحاجة إلى المبادرة، والمبادرة لن يكتب لها النجاح إذا بقيت الأجهزة والجهات المعنية تعمل، كلٌ على شاكلته، وكلٌ حسب مشروعه. فالبيت مهما بُني من نسق أخلاقي وتربوي لن يصمد مشروعه إذا لم يكتمل في المدرسة. والمدرسة تبدو كالمؤذن في خرابة عندما يعطيها التلفزيون والسينما وسائر الوسائط ظهورهم، ليقدموا أحدث وسائل الهدم للأخلاق والسلوك الحسن. حتى البلديات لها نصيب من المسؤولية، لأنها ألغت من جدول مشروعاتها الملاعب والساحات، بعد أن وهبت كل شيء للأسفلت والأسمنت داخل الأحياء، فتركت «عيال الفريج» يتوزعون بين «المولات» ودور السينما الخالية من أي «إحم أو دستور»، وينكمشون على أنفسهم أمام الـ«فيس بوك» وألعاب «بلاي ستيشن»، وهذه وحدها قصة بلا نهاية في صناعة العنف وبلا رقيب على منتجاتها.

المشكلة، مرة أخرى، ليست أمنية في أصلها، وإن كانت كذلك في نتائجها. ولمواجهتها نحن بحاجة إلى مشروع وطني يحقق المقاصد التي أكدتها القيادة في زيادة اللحمة الوطنية وترسيخ السلام الاجتماعي، وحماية النسق الأخلاقي للمجتمع. ‏

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر