4 في عين العدو
حصل رجال الإمارات على أربعة مقاعد ضمن قائمة أثرياء العالم حسب تصنيف مجلة « فوربس» الأميركية، يتقدمهم رئيس المجلس الوطني رجل الأعمال عبدالعزيز الغرير، بثروة تقدر بـ12.88 مليار درهم (3.5 مليارات دولار) وهي بالطبع تقديرية حسب ما ينشر في وسائل الإعلام وما يقع تحت نظر محرري المجلة من وثائق وأوراق مالية، لذا قد تكون الثروة زائدة أو ناقصة قليلاً، وهو أمر غير مهم عند الأثرياء، لأنني لم أسمع بدعوى قضائية ضد وسائل الإعلام تخص ترتيب الأثرياء.
البحث في عالم الأثرياء بالطبع لا يختلف عن عالمنا الطبيعي، نحن عامة الشعب، فمثلما نصنّف بعضنا، فالأثرياء بينهم تصنيفات مشابهة لنا تماماً.. فهناك طبقة عليا وطبقة متوسطة، وطبقة كادحة وهي التي لا يزيد مجموع ثرواتها على ملايين قليلة لا تسمن ولا تغني من جوع في صفحات «فوربس». وكما تشير الشائعات المغرضة فإن المحرر الاقتصادي في المجلة يتعفف عن نشر خبر صغير لمن يمتلك بضعة ملايين في ظل اهتمامه البالغ بمتابعة أصحاب المليارات، الذين لا نجد ما نقدمه لهم سوى الدعاء بأن يبارك الله في أموالهم وينفع بها وطنهم.
كنت أتمنى من محرري الصحف الاقتصادية المسارعة في ابتكار تقارير مالية جديدة عوضاً عن التقارير التقليدية التي تعودنا عليها في ظل توقف النسخة العربية من مجلة «فوربس». ولكن.. من منّا لا يتشوق لقراءة تقريرعن أشهر « 100» مَديْن في العالم العربي، أو تقرير يرصد مقدار الزكاة السنوي لأموال الأثرياء العرب المعلنة وغير المعلنة، بالطبع أعني هنا «المجتمعات الإسلامية» لأن أثرياء الغرب جهودهم واضحة ومعلومة في مجال المسؤولية الاجتماعية بأعمالهم الخيرية التي تشبه الزكاة لدينا، وتسير بخطى متسارعة، فتجدهم يتسابقون لفعل منجزات حقيقية لأوطانهم في ظل تكسبهم من خيراته، لذلك أستغرب أننا في ظل تطورنا الإعلامي المتلاحق نعاني من كسل محرري الاقتصاد في وسائل الإعلام العربية عن تخصيص ملاحق للمسؤولية الاجتماعية وإعداد تقارير دائمة ومستمرة عنها لتوعية المجتمع بدورها في دفع عملية التنمية الوطنية.
وأصدقكم القول إنني لا أستطيع أن أخفي الاعتقاد الدائم الذي يلاحقني كلما قرأت أخبار الثراء والأثرياء بأن زكاة أموالهم تكفي لسد جوع معظم فقراء العرب، ولو أن أحدهم مثلاً قرر أن يقوم بحساب زكاته بإخلاصه نفسه في حساب دخله ومكاسبه ومشروعاته التي تُنمّي ثروته يوماً بعد آخر، لما وجدنا «الشحاذين» في العالم العربي يتسابقون لحجز إشارات المرور ليمدوا أيديهم لمن «يسوى» من الأثرياء ومن «لا يسوى» من أصحاب القروض البنكية.
حياتنا نعيشها مرة واحدة، ومن يمتلك المليارات سيدخل في سباق مع الزمن للاستفادة منها، إن كان يمتلك الحكمة ويعي جيداً أن الكل سيذهب إلى الفناء، وبالنسبة لي لو كنت إحدى ثريات العالم وتجاوزت ممتلكاتي «المليار» لقررت بشكل عاجل التوقف عن جمع المال، لأصرف ما جمعته على ما تبقى من عمر، فالمليار يعني 1000 مليون، والـ1000 مليون لو صُرف منه بشكل يومي بمقدار ما يحصل عليه موظف من الدرجة الممتازة في الشهر، إضافة إلى العلاوات والانتدابات، لضمن لمالكه حياة سعيدة.