‏الصغار لا يقودون المركبات!‏

‏‏لم أستغرب صراخ أبناء «الخامسة عشرة» عندما هللوا وكأني بهم يستبشرون بقدوم العيد السعيد! وحسبَ من حسب من «الصغار» أنهم تلمسوا الأفق، وأصبحوا رجالاً يخطون الأرض طولاً وعرضاً، وإن لم يبدُ ذلك الشعر الخفيف أسفل الأنف! وليتهم ارتفعوا إلى ما فوق الأنف قليلاً، فقد يكتشفون أن لهم موضع قدم، عند عقل مقتدر! وأحسب أن هذا الخوف لم يتبدد إلا عندما أيقن «بعض» الآباء أن سن الحصول على رخصة قيادة المركبة لايزال عند الثامنة عشرة، بعد أن ضاق بهم هاجس الخوف وانتابهم القلق، فما أبقى لهم غمضة عين أو التفاتة طرف، لِمَ لا وقد غصت الكلمات في جوف العبارة، فما عاد الأب ينطقُ الكلمة، فكيف السبيلُ إلى العبارة! جانب لا أرى انه بالجديد ولكنه من الخطورة بمكان قربه من سن الحصول على رخصة قيادة مركبة، فالقوانين هنا بدولة الإمارات وتحديداً العقابية منها، تنظر إلى من هم فوق السابعة ودون الثامنة عشرة نظرة خاصة، من حيث توقيت وترتيب المسؤولية القانونية ونوعية العقوبة المقررة، وهم يندرجون تحت مسمى الأحداث، وإذا ما ارتكبوا أفعالاً تشكل جريمة وفق القوانين العقابية النافذة اتحادياً كانت أو محلياً، فستجد أنهم لا يعاقبون بالغرامة المالية أو بسداد دية من قُتل بالخطأ مثلاً، ويُكتفى بتدابير معينة قِبلهم، تبدأ بالتوبيخ والتسليم إلى احد الوالدين او من له الولاية، الاختيار القضائي، منع ارتياد أماكن معينة، أو حظر ممارسة عمل معين، الإلزام بالتدريب المهني، الإيداع في مأوى علاجي، او معهد تأهيل وإصلاح أو دار للتربية، الإبعاد من البلاد اذا كان أجنبياً، «وإذا ما ارتكبوا أكثر من جريمة قبل الحكم عليهم في إحداها، وجبت المحاكمة عنها كوحدة واحدة»، ومرده إلى قانون اتحادي نافذ منذ عام 1976 بشأن الأحداث! أضف إلى ذلك أن ولي أمر الحدث مسؤول عن جبر أخطائه، والمتضرر منها يستطيع مطالبة ولي الأمر بالتعويض أمام القضاء المدني، فهل من محتسب؟ وإلى من لا يعلم نقول إن في «إمارة دبي» فقط، الشباب وتحديداً الفئة العمرية ما بين 19 و26 عاماً، هم الأكثر إصابة في حوادث الطرق خلال السنوات 2002-،2008 طبقاً لإحصائية رسمية صادرة من هيئة الصحة والخدمات الطبية بدبي، التي خلُصت إلى أن معدل وفيات الحوادث كان مرتفعاً في الفئة العمرية ما بين 18 و35 عاماً. ناهيك عن أحدث إحصائية لمركز دبي للإحصاء بدبي، تقول إن عدد الذكور والإناث الواقعين ما بين سن 15 و19 سنة بلغَ 56.764 ألفاً تقريباً، في عام ،2009 وهذا العدد يمثل إمارة دبي فقط، فهل يستقيم الأمر؟!

أضف إلى ذلك أن وزارة الداخلية أكدت في بيان حديث تصدّر الشباب النسب الأعلى بين وفيات حوادث المرور بالدولة، إذ يتزايد عدد وفيات الشريحة العمرية من 18 إلى 30 عاماً، التي تسببت في وفاة 387 شاباً من إجمالي 963 وفاة خلال عام ،2009 وهم يشكلون نسبة تصل إلى 40٪ من إجمالي وفيات الحوادث المرورية، فمن يُبقي على سلامة هذه الأجيال، وصرفها إلى مجالات التنمية البشرية المستدامة؟!‏

Alfalasi.salah@gmail.com

الأكثر مشاركة