من المجالس
في «ساعة الأرض» خبت أضواء مبانٍ حكومية وفنادق ومساجد، بينما بقيت «كشافات» بعض الملاعب ساطعة بقوة تساوي أضعاف «الميغاواطات» التي تم توفيرها في ما انطفأ من أضواء، إذا كانت الساعة المحتفى بها ذات دلالة رمزية وجرس إنذار، ألم يكن من الممكن تعديل جدول المباريات بتقديمها ساعة أو تأخيرها ساعة؟ فقد زاحمت رمزية «الكشافات» بما تعنيه من جور على الطاقة رمزية العتمة التي حملت «ساعة الأرض» دلالتها.
المفارقة الثانية أن الحملة مضت وكأنها شأن رسمي أو مؤسسي لم يكن الفرد عنصر أساس في متن رسالتها، فالإسراف والإهدار في الطاقة، والاعتداء على البيئة، صارت سلوكاً عاماً تتحمل المؤسسات وقطاعات الأعمال جزءاً كبيراً منه، ويتحمل الإنسان الفرد كذلك جزءاً لا يستهان به من وزره، ومهما عملت المؤسسات من جهد فإنه يظل ناقصاً من دون استيعاب الفرد ومشاركته. وفي حملة «ساعة الأرض» لم يكن الفرد معنياً، بل إن الكثير من الناس لم يسمعوا عن الحملة أو يتأكدوا من موعدها حتى فاجأتهم عملية إطفاء الأضواء، ولذلك كانت البيوت بعيدة عن الحملة وكانت في تلك الساعة تشع بالأضواء وتضج بالأجهزة الكهربائية، فتدور العدادات بسرعة لا تعترف بعيون الرادار ولو لساعة واحدة في السنة.
قريباً من «ساعة الأرض» توقفت خطبة صلاة الجمعة الماضية أمام مشكلة إهدار المياه والإسراف في استخدامها، وبينت رأي الشرع فيه ونهي الدين عنه، بينما استمر هدير صنابير المواضئ بدفع من مضخات الماء المنصوبة بجوار الخزانات التي تعتلي غرف الوضوء، والوعظ في هذه المسألة طالما تكرر وزاد وعاد، وهو مطلوب من باب الإرشاد والأمر بالمعروف، ولكنه بقي بلا حماية بفعل أو إجراء يقنن قوة تدفق الماء، ويعيد النظر في جدوى وجود المضخات الجبارة، ويطرح بديلاً عن الصنابير المستخدمة حالياً.
كثيرون توقعوا خلال «ساعة الأرض»، أنهم سيهنأون بساعة يستعيدون فيها صورة من ذلك الزمان الذي كانوا يعدون فيه النجوم قبل أن تغط أعينهم في نومة يغشاها الظلام على سطوح المنازل المتلاصقة، ولكن توقعاتهم خيبتها سلطة الأضواء الكاشفة!