أقول لكم
نريد سلاماً، نعم، نمد أيدينا، نتخذ القرارات، نطلب صلحاً مع عدونا، باتفاقات سرية نحصل بعدها على سلطة تدير لا شيء في أرض مستباحة، ونرسم خريطة طريق تأخذنا إلى نفق مظلم لا نخرج منه سنوات، ونعود من جديد مع وافد جديد إلى البيت الأبيض، يرسل إلينا مندوباً يأخذ تأييداً من هنا وصمتاً من هناك، ويقرر فجأة أن الأفضل للجميع الدخول في مفاوضات غير مباشرة، عبر الحَمَام الزاجل أو الفاكس الذي حل محله، ويشطب من السجلات كل ما حصل خلال التسعينات والعشرية الأولى من القرن الجديد، ويبتسم جورج ميتشل أمام الكاميرات فرحاً بذلك الإنجاز الذي لم يجف حبره إلا على وقع قرارات نتنياهو الاستيطانية الجديدة في القدس المحتلة، وتقف هيلاري مع رئيس وزراء إسرائيل لتخطب ود زعماء الصهيونية الأميركية في العاصمة واشنطن، وتؤكد أن العلاقات مع إسرائيل أبدية وغير قابلة للتأثر مع المواقف، ثم تنثر في وجوهنا بعض البهارات، تستدرج عطف القتلة وتطلب الرحمة، وتتورد خدودها خجلاً وهي تدعو الحلفاء إلى إعادة النظر في مشروعات الاستيطان حتى لا تتعرقل خطوات السيد أوباما للسلام! ويقف أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، وهي بالمناسبة المنظمة الدولية المسؤولة عن الأمن والسلام العالميين، وهي أيضاً المخولة برفع الظلم عن شعوب العالم، ومنع العدوان أيضاً، وحماية المدنيين والأراضي المحتلة من تجبر المحتل الغاشم، يقف الأمين العام يبادرنا بالسلام علينا ورحمة الله وبركاته، ويبشرنا بأنه لا يقبل بأي تغيير في الأراضي المحتلة تُحدثها قوات الاحتلال وسلطاته، ويطلب منا أن نسعى إلى السلام وهو يخاطب قادتنا في مؤتمر قمتهم، ونحن سننتظر قرارات القمة، ربما نسمع عن خطوة جديدة تؤكد فيها حسن النيات، فنحن فقط المطالبون بالحصول على شهادات حسن نيات، وسنحصل على مكافأة جديدة من نتنياهو، ربما تكون اقتطاع جزء جديد من الأقصى وتحويله إلى مزار يهودي، وربما يطرد بضع مئات من الأسر الفلسطينية العربية ليمنح بيوتها إلى اليهود، وربما يقدم حلاً باستحداث ممر فضائي للوصول إلى الحرم القدسي، وسيأسف أوباما ومعه هيلاري وكذلك بان كي مون، ولكن كثيراً من الأيادي ستبقى ممدودة للسلام ولن تجد من يصافحها!