أقول لكم
المقاومة ليست كلاماً فارغاً، كما قال السيد أمين عام الجامعة العربية، أياً كان المعنى الذي يقصده معاليه من كلمة مقاومة، فتلك كانت إجابة في غير محلها مع انتهاء أعمال القمة العربية في سرت الليبية، ومهما تعاطفنا مع السياق الذي ورد فيه ذلك الكلام أو الواقع الذي يحكم الأمور في هذا الزمان!
المقاومة فعل طبيعي لدى البشر، كل البشر، باختلاف انتماءاتهم الفكرية والسياسية والدينية والطائفية، وأيضاً بتنوع ثقافاتهم وألوانهم وأصولهم وظروفهم الاجتماعية، وهي حق، بل حق مشروع كفلته الشرائع السماوية والأيدلوجيات الموضوعة عبر التاريخ، وقد ورثها الإنسان بالفطرة عندما كان يواجه الضواري، ولولا مواجهة الإنسان لتلك الوحوش في الغابات والجبال والصحارى لانقرض الجنس البشري، ومن تلك الفلسفة ظهرت مقاومة اعتداء الإنسان على الإنسان، والتاريخ يزخر بالشواهد والأساليب، فالمقاومة تتعدد أشكالها وتختلف أنواعها، ولكنها تلتقي عند نقطة واحدة، هي رفض القوة الغاشمة، سواء كانت فردية أو جماعية، تمارسها عصابة تهرب المخدرات وتغتصب النساء وتستبيح حرمات المنازل، أو تقوم بها دولة تهيأت لها الظروف وكونت جحافل من الجيوش الجرارة، أو شخص تبوأ سدة حكم في بلاد تعيش حالة غرور، ونصّب نفسه سيداً للعالم، وغزا الأرض من وسطها إلى أطرافها، ومن المقاومة تشكلت المجتمعات الحضرية، وتأسست المدن الفاضلة، وساد القانون القائم على العدالة بدلاً من قانون الغاب!
المقاومة ليست كلاماً فارغاً، سواء كانت مقاومة غاندي السلبية التي أخرجت الإنجليز من الهند، أو مقاومة نيلسون مانديلا الذي رفض أن يساوم على حقوق شعبه في أرضه ووطنه وحياته الكريمة، وفضّل أن يسجن 27 عاماً على أن يمنح الأوروبي حق الولاية على الأفارقة في جنوب إفريقيا، والمقاومة هي التي أخذت عمر المختار إلى حبل المشنقة وهو يعلم بأنه بذر بذرة الرفض للاحتلال الإيطالي لأرضه وأرض أجداده وأحفاده، والمقاومة هي التي تجعلنا إلى اليوم نقول إن فلسطين عربية، وإن الأقصى من أقدس مقدساتنا، وهي التي تجعل الحجر في يد طفل أقوى من الدبابة والقنابل الحارقة!
myyousef_1@yahoo.com