‏‏

‏من المجالس‏

عادل محمد الراشد

‏الاحترام لزوم مقدمة الكلام، ومع كل الاحترام فإن «قمة» العرب في سرت بدأت بالتنصل من ظاهرة الكلام، وانتهت إلى المزيد من الإيعاز بأن العرب أمة كلام، فمن كلام، تبعه كلام، انتهى إلى بيان من كلام، كرسي داء في زمان هذه الأمة اسمه «أزمة احترام»، أزمة احترام للقيل والقال والوعود الخائبة بتحقيق الأفعال، والمواقف الواقفة على أبواب السؤال، أزمة احترام من الداخل إلى الداخل جعلته «ملطشة» للخارج.

ومع كل الاحترام، فإن القمة أكدت أن لا خيار لإنهاء الصراع مع «إسرائيل» غير السلام، وحكومة «إسرائيل» تتوعد بحرب جديدة وحملة اغتيالات جديدة في فلسطين. والقمة أكدت أن لا طريق لإعادة الأراضي واستعادة الحقوق غير طريق المفاوضات ، و«إسرائيل» أكدت أن لا مجال للذهاب إلى المفاوضات إلا عبر القبول بسياستها لفرض الأمر الواقع.

ومع كل الاحترام، فإن القمة أكدت تمسكها بعروبة القدس، و«إسرائيل» اقتربت من إتمام برنامجها الطويل لتهويد القدس، فظهرت ملايين القمة لإنقاذ القدس وكأنها «ملاليم» أمام مليارات «إسرائيل» المخصصة لاستئصال شأفة العروبة والإسلام من القدس.

ومع كل الاحترام، كان موقف نتنياهو في«محبسه» داخل المكتب البيضاوي بعد أن غلقت عليه الأبواب أكثر قوة وأشد تأثيرا وأبلغ تعبيرا من مواقف كل القادة العرب وممثليهم الذين جمعتهم القمة في سرت العربية على بعد آلاف الكيلومترات من حديقة البيت الأبيض.

ولأننا شعوب تطرب للحن الكلام، فإننا لم نجد من يطربنا أمام مكبرات القمة غير رئيس وزراء تركيا، الذي عودنا على أن الأفعال أصدق أنباءً من الخطب، وأن طريق التحرير مرهون بالتحرر من الخوف، والتخلص من كل الحسابات الثقيلة الخاطئة التي زرعتها دراسات مراكز البحث الاستعمارية، وكرستها دروس المحللين الخبثاء، وصدقت عليها نصـائح دعاة الواقعية من ذوي القربى. ‏

 

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر