فروقات «كراتشي» و«الدوحة»!
طبيعي جداً أن تكون أسعار تذاكر الطيران لشركة مثل «طيران الإمارات»، مختلفة باختلاف المدن والعواصم والبلدان التي تباع فيها، فلا يجوز مثلاً أن تباع تذكرة الدرجة الأولى لوجهة ما في الإمارات بسعرها نفسه في باكستان أو أيّ من دول إفريقيا للوجهة ذاتها؛ لأن المسألة مرتبطة بسعر كل سوق والقوة الشرائية لكل بلد.
نتفهم ذلك، مع أن الخاسر الأكبر هو أهل الإمارات، فالمقارنة مع الآخر، في هذا المجال، دائماً ما تأتي في مصلحة هذا الآخر، وأسعار تذاكر السفر في الإمارات، لا شك في أنها الأعلى لكل الوجهات، مقارنة ببقية المدن القريبة والبعيدة، وتزيد الأسعار أيضاً، كلما اختلفت درجة السفر، وفي بعض الأحيان نتفاجأ بأن سعر تذكرة الدرجة الأولى في بعض الدول، هو بالضبط نصف سعر التذكرة محلياً، إن لم يكن أقل، مع أن الرحلة قد تكون أطول، والطائرة أيضاً قد تكون أفضل!
كثيرون عرفوا هذا السرّ، وكثيرون هم الذين يتفننون في استغلال هذه الفروقات، فيسافرون على أي من طائرات الشركات الاقتصادية إلى كراتشي أو طهران أو دمشق أو أي من الوجهات القريبة، من أجل شراء تذكرة سفر على الدرجة الأولى أو رجال الأعمال من مكاتب طيران الإمارات في تلك الدول، لوجهات دول أوروبا أو شرق آسيا أو حتى أستراليا، وتخيلوا أنه ومع ذلك، وعلى الرغم من تكلفة السفر ليوم أو يومين إلى تلك العواصم القريبة، فإن النتيجة هي توفير كبير في المبلغ الإجمالي قد لا يخطر على بال من لم يقم بهذه التجربة، وبالتأكيد لم تفلح محاولات «طيران الإمارات» في وضع بعض الشروط لمنع هذه الظاهرة، والمنطق يحتم عليها عدم منعها، لأنها هي سبب وجود هذه الفروقات، ومن حق الناس البحث عن أفضل الأسعار، حتى لو كان هذا الأفضل في كراتشي!
ومع الاعتراف بفرضية منطقية البيع بأسعار أقلّ في أسواق فقيرة، ولا يملك أهلها القوة الشرائية اللازمة، إلا أن الموضوع يصبح في غاية الغرابة عندما تكون فروقات الأسعار حاضرة في الدول التي يفترض أنها تتساوى مع الإمارات، من حيث متانة الاقتصاد والمستوى المعيشي، كما أنها لا تبعد عنا كثيراً في المسافة، ومعظم شركات الطيران تعتبرنا معها سوقاً واحدة، وعلى سبيل المثال، نجد أنه من الغريب جداً، ومن غير المعقول أيضاً، أن تباع تذاكر سفر «طيران الإمارات» لمختلف الوجهات من الدوحة مثلاً، أقل من أسعارها في الإمارات بكثير، ولا نجد مبرراً لذلك؛ لأن الوضع الاقتصادي متشابه، بل إن رواتب موظفي قطر هي الأعلى على مستوى العالم، والوضع الطبيعي أن تكون الأسعار لأهل الإمارات أقلّ بكثير، لكن الواقع عكس ذلك إطلاقاً، والسبب غير معروف، حتى إن كان هناك سبب معروف لدى «طيران الإمارات»، فإنه سيكون بلا شك غير مقنع.
وباعتبار أن «طيران الإمارات» شركة وطنية، ونعشقها من كل قلوبنا، ونعشق السفر على متن مختلف طائراتها، ونعطيها دائماً الأولوية في كل الرحلات، حتى وإن كانت الشركات الأخرى أرخص أسعاراً منها، فإنه من حقنا عليها أيضاً، أن تكون لنا الأولوية في كل شيء، أو على أقل تقدير في أي شيء!