أبواب
إنترنت محتلة.. أيضاً
يبدو أن فضاء الإنترنت محتلّ أيضاً، وليس مشاعاً للجميع، فعلاوة على حجب مواقع عدة، من بينها علمية وثقافية وسياسية، تحت ذرائع متعددة، تبدأ بالجنس، ولا تنتهي عنده. ولكن فك شيفرة تلك المواقع الإلكترونية سهل، وفي متناول كثيرين، من «كاسري بروكسي».
ومنذ انطلاق الإنترنت، بوصفها وسيلة سريعة للتواصل والمعلومات، أصبح هذا الفضاء «ساحة حرب» بين المتصارعين، وأصبح السعي إلى الهيمنة على الإنترنت مطلباً لدى دول عدة، أقصد الدول الكبرى. وفي الوقت نفسه ظلت الإنترنت ساحة للثقافة والفنون والتواصل الاجتماعي عبر البريد الإلكتروني أو المواقع الاجتماعية.
ولكن ما حدث مع صفحة «مبدعون فلسطينيون» منذ أيام، يدعو إلى التساؤل: هل أصبحت الإنترنت أرضاً موازية ومحتلة أيضاً؟
هذه الصفحة التي أنشأها أربعة شباب هم باسمة البطاط ورائد الدبس وريم قندلفت وروض الدبس، بهدف التعريف بالثقافة الفلسطينية عبر موقع «فيس بوك» الشهير، كان لديهم أمل كبير بأن يتسع هذا الفضاء للجميع وبمساواة ودون احتكار أو شطب أو حجب أو إيقاف أو إغلاق. ولكن إدارة الموقع لم يتسع صدرها لمقال عن الشهيدة دلال المغربي نشره القائمون على الصفحة، إذ سرعان ما حذفت الإدارة «الديمقراطية» ذلك المقال، وألحقت بذلك رسالة مقتضبة إلى مسؤولي الصفحة بإغلاق الصفحة بحيث لا يتمكن محررو الصفحة من الدخول إليها ونشر مواد عن مبدعين فلسطينيين.
هكذا، وببساطة، زر صغير في «الإمبراطورية الأميركية» منع القائمين على الصفحة من تزويدها بمعلومات ومواد إبداعية لكتّاب وفنانين ومثقفين فلسطينيين، وذريعة إدارة «فيس بوك» أن مواد في الصفحة التي تتخذ من علم فلسطين ومسجد قبة الصخرة شعاراً لها، «تخل بشروط النشر»، من دون أي توضيح. ما دعاها الى «إيقافها» عقوبة لمن تسوّل له نفسه نشر أي مقال يشير إلى عدالة القضية الفلسطينية وبشاعة الاحتلال الإسرائيلي.
وفي الوقت الذي تغلق إدارة «فيس بوك» هذه الصفحة التي بلغ عدد المسجلين فيها أكثر من 19 ألف مشترك، في غضون تسعة أشهر، فإن صفحات عدة لإسرائيليين ينشرون فيها ما يحلو لهم من مقالات وصور، من دون أن نسمع أو نقرأ عن مضايقة تعرضوا لها.
أين سيذهب الشعب الفلسطيني، بعد الاحتلال الإسرائيلي، والاحتلال الإلكتروني، والمنافي، وكيف يعبر عن وجوده، وكيف يوضح للعالم صورته وصوته، ويدافع عن حقوقه وثقافته وتراثه الذي يتعرض للاحتلال أيضاً، بدءاً من الأزياء الشعبية وصولاً إلى الدبكة؟
إن هذا الوضع يذكّر بعمل فني بديع ومؤثر بعنوان «هجرة فضائية» للفنانة الفلسطينية لاريسا سنسور، عرض قبل أيام في «آرت دبي»، إذ ظهرت في شريط «فيديو آرت» بلباس رائدة فضاء يحمل علم فلسطين وتطريزاً تقليدياً من ثوب فلسطيني، وتعتبر نفسها في هذا العمل «أول رائدة فضاء فلسطينية»، تصعد إلى سطح القمر، وتزرع علم وطنها هناك، بعدما لوّحت بيدها مودعة كوكب الأرض.
ولكن هل يسلم القمر أيضاً من أي احتلال؟