اتحاد لعبة أم جهة قمع!
أختلف بشدة مع رئيس مجلس إدارة نادي الشباب سامي القمزي، عندما عقب بتصريحات صحافية على قرار لجنة الانضباط التابعة لاتحاد الكرة قائلاً: «إن العقوبة مقبولة شكلاً ومرفوضة مضموناً»، وكان الأحرى به أن يقول إنها «مرفوضة شكلاً ومضموناً»، ليس ذلك فحسب، فلو كنت مكانه، مع أني لا أتمنى ذلك، ولا أريده أبداً، فإني سألجأ إلى المحاكم، لأرفع دعوى ضد اتحاد الكرة بتهمة مخالفة دستور الدولة والقوانين المعمول بها، والتي تضمن جميعها حرية الرأي والتعبير.
قرار لجنة الانضباط بتغريم نادي الشباب 50 ألف درهم، جاء بسبب «تصريحات إعلامية صدرت عن بعض مسؤولي النادي تشكك في نزاهة التحكيم، وحكم مباراة فريقي الشباب والعين ضمن دوري المحترفين»، ولا أدري من أين استمدت لجنة الانضباط «قدسية» حكام المباريات، مع أنهم لا يملكون أية حصانة قانونية أو دستورية، وفي نهاية الأمر، هم مجرد أفراد عاديين في المجتمع لهم ما للجميع، وعليهم تنطبق القوانين كافة التي تنطبق على الجميع، ولا يوجد قانوناً، ووفق الدستور وقانون المطبوعات والنشر والأعراف السائدة، من هم فوق النقد إلا حكام الدولة وقضاة المحاكم، فهل وصل حكام الكرة إلى درجتهم ومستواهم؟!
ما بني على باطل فهو باطل، وقرار لجنة الانضباط باطل، لأنه مبني على مخالفة دستورية واضحة، فالمادة (30) من باب الحريات والحقوق والواجبات العامة في دستور الدولة تقول وبالنص: «حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون». وانتقاد حكم مباراة في احتساب ضربة جزاء من عدمها، أو في قرار طرد لاعب، هل هو قرار صحيح أم لا، أو في احتساب هدف من تسلل، واضح أو غير واضح، كل هذه الأمور وغيرها التي لا تمس الحكم كشخص، تندرج تحت فقرة «مكفولة في حدود القانون»، لأنه لا تجاوز فيها، إلا إذا احتوت التصريحات أو الانتقادات على ألفاظ بذيئة، أو سب أو قدح أو شتيمة شخصية، عندها يختلف الموضوع تماماً، لكننا، في حالة سامي القمزي ونادي الشباب، لم نقرأ أو نسمع ما تعاقب عليه قوانين الدولة كافة، وبالتالي فإن قرار لجنة الانضباط باطل من دون شك!
لا يجوز ولا يليق بجهة رسمية مثل اتحاد الكرة، أن تبتدع قوانين مخالفة لقوانين الدولة ودستورها، ولا يجوز أبداً أن يتحوّل اتحاد للعبة إلى جهة قمعية، تقمع الرأي الآخر بهذه الطريقة الرجعية التي تعود إلى عصور قديمة تجاوزتها دولة الإمارات بمؤسساتها وأفرادها ومسؤوليها كافة، ولا ينبغي أن تظل هذه المخالفة الصريحة، و«المعيبة»، إلى يومنا هذا في المواد المنظمة لقوانين اتحاد الكرة! ..عقوبة التصريحات الإعلامية «المسيئة» التي يعاقب عليها الاتحاد بالإنذار والغرامة المالية التي لا تتجاوز 100 ألف درهم للنادي، وتصل إلى نقل مباريات الفريق، وخصم نقاطه، ثم إنزال النادي إلى الدرجة الأدنى، باطلة قانوناً، وأدعو كل من تعرّض لها، إلى اللجوء إلى القضاء، لإبطال مفعول هذه «البدعة» التي لا نتمنى أبداً أن تنتشر بين مؤسساتنا المختلفة، وإلا سنرى تراجعاً واضحاً لاسم وسمعة الدولة عالمياً، خصوصاً في مجالات حقوق الإنسان وحرية الرأي، ولا أعتقد أبداً أنه ينقصنا هجوم إضافي في هذا المجال، فنحن ومن دون سبب عرضة لهؤلاء المتربصين، فكيف إن عرفوا عن قوانين اتحاد الكرة الذي يقمع كل نقد لأداء حكم مباراة!