رؤية
مقوّمات الوحدة النقدية الخليجية المشتركة (5)
هناك مقوّمات اقتصادية ونقدية وتجارية، تشكل بعداً استراتيجياً في تحقيق الوحدة النقدية المشتركة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، بل وتحتم التسريع في تحقيق هذه الخطوة المتممة لمراحل التكامل الاقتصادي المشترك.
ومن تلك المقومات، أن تاريخ هذه المنطقة يؤكد أنها كانت منطقة نقدية واحدة، فخلال الحكم العثماني للمنطقة، كانت العملة المتداولة هي «الليرة» العثمانية.
وبعد الحرب العالمية الأولى، ووقوع المنطقة تحت الانتداب البريطاني، كانت العملة الخليجية الموحدة والمتداولة في المنطقة، هي «الروبية» الهندية، ثم «الروبية» الخليجية.
ومع مراحل الاستقلال السياسي لهذه الدول، كانت العملات الخليجية متداولة في الدول التي لم تصدر عملاتها الوطنية، فكان «ريال»، قطر ودبي بموجب اتفاقية عام ،1966 وكان «الريال» السعودي، و«الدينار» البحريني متداولين في أبوظبي.
وبعد الاستقلال السياسي، وإصدار كل دولة عملتها الوطنية، كانت جميع هذه العملات مرتبطة بسلة من العملات الأجنبية تسمى وحدة حقوق السحب الخاصة (SDR)، التي أصدرها صندوق النقد الدولي، لتكون عملات دول المجلس، مرتبطة بتلك السلة، وبمعدل سعر صرف واحد.
من ناحية أخرى، فإن سعر صرف عملات دول المجلس، ظل مرتبطاً بالدولار الأميركي، باستثناء الدينار الكويتي، حيث أعلنت الكويت استقلالها الاقتصادي عن الدولار، لتحقق فوائد جيدة في استثماراتها الدولية، وتجارتها الخارجية مع العالم.
وهناك تشابه في أسماء عملات دول المجلس، حيث إن هناك دولتين تحمل عملتهما اسم «الدينار»، هما الكويت والبحرين، وثلاث دول تحمل عملاتها اسم «الريال»، هي السعودية وعُمان وقطر، ودولة واحدة تحمل عملتها اسم «الدرهم»، هي الإمارات.
كذلك، فإن جميع عملات دول المجلس مقبولة للتداول في أسواق دول المجلس، بسعر صرف ثابت، الأمر الذي يجعل المناخات مهيأة لإنشاء سوق نقدية واحدة، وإصدار عملة نقدية موحدة، في مناخات مشجعة ومحفزة، سواء للمستثمرين أو للأفراد المواطنين والمقيمين، فيما إذا استطعنا أن نتجاوز مسألة السيادة الاسمية للدول التي تحمل عملاتها صور قادتها وأسماء دولها.
إن الإرادة السياسية دوماً ما تؤكد أهمية تحقيق التكامل الاقتصادي، وتدعو إلى التسريع في توحيد الأطر والسياسات والتشريعات التي تترجم حلم أبناء المنطقة وطموحاتهم، في ترجمة أهداف المجلس، بالنهوض بالفرد والمجتمع وتحقيق التنمية الشاملة.